التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين 159}

صفحة 1363 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى عفا عنهم ما حدث منهم فلا مطعن عليهم لأحد، وروي أن رجلاً سأل ابن عمر عن عثمان فقال: أشهد بدرًا؟ فقال: لا، فقال: أشهد بيعة الرضوان؟ فقال لا، فقال: كان من الَّذِينَ تولوا يوم التقى الجمعان؟ قال: نعم، فقيل: إنه يرى أنك عبته، فقال ابن عمر: عليّ به، ثم قال: أما بدر فقد ضرب النبي ÷ [له] بسهم، وكان تخلف بإذنه ليقوم على ابنة رسول اللَّه لمرض أصابها، وأما بيعة الرضوان فقد بايع رسول اللَّه ÷ عنه ويد رسول اللَّه لعثمان خير من يد عثمان لنفسه، وأما الَّذِينَ تولوا يوم التقى الجمعان فقد عفا اللَّه عنهم، فاجهد على جهدك.

  وتدل الآية على أنه لا ينبغي للمؤمن أن يقبل عمن يصده عن طاعة ربه.

  وتدل على أن التشبه بالكافر محظور، ثم قد يكون فيها ما يكون كفرًا.

  وتدل على أن خوف القتل لا يمنع وجوب الجهاد.

  وتدل على أنه إذا كان المرجع إلى اللَّه تعالى فالجهاد في سبيل اللَّه خير من الدنيا، وفيه حث على الجهاد.

  وتدل على عظم قول أهل الحق مع الخوف؛ لأنه بمنزلة الجهاد.

قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ١٥٩}

  · القراءة: · القراءة الظاهرة «عَزَمْتَ» بفتح التاء يعني إذا عزمت أنت يا محمد، وعن جابر بن يزيد برفع التاء يعني عزمتُ لك.

  · اللغة: لانَ يَلينُ لِينًا وليانًا إذا رق له وحسن خلقه، واللين ضد الخشونة، يقال: شيء لَيِّن، وفلان [ذو] مَلْيَنَةٍ أي لين الجانب.