التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين 159}

صفحة 1364 - الجزء 2

  والفَظُّ: الجافي، يقال: فظِظْت تَفَظُّ فظاظة فأنت فَظّ، وهو فَعَل، كجَهَر إلا أنه أدغم كضب، والانفظاظ شرب ماء الكرش لجفائه على الطباع، والفظ: ماء الكرش، وقال بعضهم للرجل الفظ الكريه الخلق، مشتق من فَظُّ الكَرِش؛ لأنه ماء لا يتناول إلا من ضرورة.

  والفضْ بالضاد تفريق الشيء، وأصله الكسر، وانفض القوم تفرقوا، ومنه:

  فَضَضْتُ الكتاب، ومنه درع فَضْفَاض.

  والمشاورة مصدر شاور يشاور مشاورة، يقال: شاورت فلانًا في أمري، وقيل: مأخوذ من قولهم: شُرْتُ العسل أشوره إذا أخذته في موضعه واستخرجته، وقيل: مأخوذ من شُرْتُ الدابة شَورًا إذا عرضتها، والمكان الذي تعرض فيه الدواب مِشْوار.

  كأنه بالعرض يعلم خيره وشره، وكذلك بالمشاورة تعلم خير الأمور وشرها.

  والعزم عقد القلب على الشيء تريد أن تفعله، وكذلك العزيمة، وهو يرجع إلى الإرادة، وعزمت: قَسَمٌ، قال ابن دريد: عزمت عليك أقسمت عليك.

  والتوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير، وأصله الاتكال، وهو الاكتفاء في فعل ما يحتاج إليه بمن أسند إليه، ومنه الوكالة؛ لأنها عقد على الكفاية بالنيابة والوكيل؛ لأنه يوكل إليه الأمر، والوِكال في الدواب أن تسير بِسَيْرِ الأخرى، وهو أن تتأخر أبدًا خلف الدواب.

  · الإعراب: (ما) في قوله: «فَبِمَا رَحْمَةٍ» قيل: صلة، وتقديره: فبرحمة، عن الزجاج ونحوه كقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} جاءت مؤكدة للكلام، قال الشاعر:

  فَاذهَبي ما إِلَيكِ أَدرَكَني الحِلـ ... مُ عَداني عَن ذِكرِكُم أَشغالي