التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 161}

صفحة 1370 - الجزء 2

  فالغُلول: الخيانة؛ لأنها تجري في الملك على خفاء من غير هذا الوجه الذي يحل كالغلل، و (ما كان) في القرآن على وجهين: نهي ونفي، فالأول كقوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} الثاني: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا}.

  · النزول: روى عكرمة ومقسم عن ابن عباس، أنها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، فقال بعضهم: لعل النبي ÷ أخذها، وعن سعيد بن جبير نحوه وعن الضحاك، عن ابن عباس أن رجلاً غله بمخيط، يعني تأثره من غنائم هوازن يوم حنين، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وعن مقاتل: أنها نزلت في غنائم أحد حين ترك الرماة المركز وطلبوا الغنيمة، وقالوا: نخشى أن يقول رسول اللَّه ÷: من أخذ شيئًا فهو له، ولا يقسم كما لم يقسم يوم بدر، ووقعوا في الغنائم، فقال صلى اللَّه عليه: «أظننتم أنا نفعل ولا نقسم لكم»، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: إنه قسم المغنم، ولم يقسم للطلائع، فلما قدمت الطلائع، قالوا: قسم الفيء، ولم يقسم لنا؟ فعرفه اللَّه تعالى الحكم فيه، ونزلت الآية عن الضحاك.

  وقيل: نزل هذا في أداء الوحي، كان رسول اللَّه ÷ يقرأ القرآن، وفيه عيب دينهم ويسب آلهتهم، فسألوه أن يطوي ذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: إن قومًا ألحوا عليه يسألونه المغنم دون غيرهم فنزلت الآية.

  وقيل: أراد جميع الغنائم، فقال بعضهم: لم لا يقسم بيننا غنائمنا، فقال: «لو كان لكم مثل أحد ذهبًا ما حبست عنكم درهما، أترون أني أغلكم مغنمكم»، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن الأصم.