قوله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير 165 وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين 166 وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون 167 الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين 168}
  قادر على نصركم، وقيل: يدبركم بأحسن التدبير من النصرة مع طاعتكم، وتركه مع المخالفة، وهذا جواب لقولهم «أَنَّى هَذَا»، وقد تقدم الوعد بالنصر «وَمَا أَصَابَكمْ» أيها المؤمنون «يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ» جَمْعُ المسلمين وجمع المشركين يوم أحد «فَبِإِذْنِ اللَّه» قيل بتخليته التي تقوم مقام الإطلاق في الفعل، وقيل: بإذنه بعلمه، ومنه: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} أي إعلام، ولا يجوز حمله على الأمر؛ لأنه تعالى نهى المشركين عن قتال المؤمنين ومخالفة الرسول، فلا يجوز أن يأمرهم به «وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا» وقيل: معناه ليتميز المؤمن من المنافق، فذكر العلم وأراد المعلوم، وقيل: ليظهر المعلوم من المؤمن والمنافق فيقع الجزاء على المفعول لا على المعلوم، وقيل: ليعلم أولياء اللَّه المؤمنين والمنافقين، فذكر نفسه وأراد أولياءه تفخيمًا لشأنهم، وقيل: ليعلم ليرى «وَقِيلَ لَهُم» قيل: الواو للحال أي في حال ما قيل لهم، وقيل: معناه، وقد قيل لهم «تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قيل: إن عبد اللَّه بن أبي والمنافقين معه من أصحابه انخزلوا يوم أحد بنحو ثلاثمائة، وقال: علام نقتل أنفسنا؟! ارجعوا بنا، والقائل لهم تعالوا: عبد اللَّه بن عمرو الأنصاري يذكرهم اللَّه، ويحذرهم أن يخذلوا نبيه والمسلمين عند حضور العدو، فلما أبوا قال: أبعدكم اللَّه، اللَّه يغني عنكم، وقيل: القائل رسول اللَّه ÷ يدعوهم إلى القتال والرجوع عن الأصم «أَوِ ادْفَعُوا» قيل: كثروا سوادنا إن لم تقاتلوا معنا عن السدي وابن جريج، وقيل: رابطوا بالقيام على الخيل إن لم تقاتلوا عن أبي عون الأنصارى، وقيل: إذا لم تقاتلوا في سبيل اللَّه فادفعوا عن أهلكم وحرمكم ومدينتكم «قَالُوا» يعني عبد اللَّه بن أبي وأصحابه من المنافقين «لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً» أي لو علمنا أنه يقع قتال بينكم وبين أعدائكم «لاَتَّبَعْنَاكُمْ» لسرنا معكم، ولكن نعلم أنه لا يكون قتال «هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ» يعني بإظهار هذا القول صاروا أقرب إلى الكفر؛ إذ كانوا مثل ذلك في ظاهر أقوالهم أقرب إلى الإيمان حتى هتكوا الستر فعلم المؤمنون ما لم يعلموا، [وقيل]: إنه ذَكَرَ الكُفْرَ وأراد الكافر كأنه قيل: هم يومئذ إلى الكافرين أقرب منهم إلى المؤمنين، وقيل: المراد. به الشهادة عليهم بأنهم كفار، كما يقول الرجل لخصمه: أنا أصدق منك، لا يريد أنْ يجعل لخصمه نصيبًا من الصدق عن أبي مسلم، وقيل: هم بأعمالهم بالكفر أولى منهم بالإيمان عن الأصم، وقيل: اللام بمعنى (إلى) يعني إلى الكفر كقوله: {الحمدُ