قوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون 169 فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون 170}
  وقراءة العامة «أحياءٌ» بالرفع على تقدير: بل هم أحياء وهو خبر ابتداؤه محذوف، وقرأ ابن أبي عبلة: «أحياءً» بالنصب على تقدير: أحسبهم أحياء، وقيل: تقديره: أعلمهم أحياء.
  وقراءة العامة: «فرحين» بغير الألف في الشواذ، «فارحين» بالألف، وهما لغتان كَفارِهٍ وفَرِهٍ، وحاذر وحذر، وطامع وطمع.
  · اللغة: الاستبشار: استفعال من البشارة، وأصل الاستفعال طلب الفعل، والمستبشر:
  بمنزلة الذي طلب السرور في البشارة، وأصل البشارة البشرة؛ لأن الإنسان إذا فرح ظهر ذلك في بشرة وجهه، ومنه البشر لظهور بشرته.
  ولحِقْتُ وألحقت قيل: هما بمعنى، وقيل: بينهما فرق كما بين عَلمتُ وأعلمت في التعدي، ونظيره بانَ وأبان. واللحوق: الإدراك، لحقته أدركته، ومنه: إن عذابك بالكفار ملحق.
  · الإعراب: «أمواتًا» نصب على المفعول الثاني؛ لأن الحسبان يتعدى إلى مفعولين، لو قلت:
  حسبت زيدًا، لم يكن كلامًا تامًا حتى تقول: قائمًا، أو قاعدًا.
  و «فرحين»: نصب على الحال من «يرزقون»، يعني هم فرحين في حال رزقهم، ولو رفع على الإتباع أو الاستئناف جاز.
  وموضع (أن) في قوله: «أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» فيه قولان:
  الأول: خفض بالباء تقديره: بأن لا خوف عليهم عن الخليل والكسائي والزجاج.
  الثاني: نصب؛ لأنه لما حذف حرف الجر نصب بالفعل، قال الشاعر:
  أَمَرْتُكَ الخيرَ فافعلْ ما أُمِرتَ به ... فقد تركتُك ذا مالٍ وذا نَشب
  أي: بالخير.