قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم 172}
  · المعنى: لتمام ذكر الشهداء قال اللَّه تعالى: «يَسْتَبْشِرُونَ» يعني يفرحون عند ورودهم على ما أعد اللَّه لهم على سالف طاعاتهم من النعم الواصلة إليهم والفضل الذي أصابهم «مِنَ اللَّه» قيل: النعمة ما استحقوه لطاعتهم، والفضل ما زادهم اللَّه من المضاعفة، وقيل: ذكرهما تأكيدًا «وَأَنَّ اللَّه لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ» أي علموا أنه تعالى يوفي الجزاء، ولا يضيع عمل محسن، وإنما ذكر ذلك وإن كان المؤمن يعلم ذلك في الدنيا؛ لأن ذلك يعلم في الآخرة ضرورة لا يعترض فيه شبهة، وليس المشاهدة والضرورة كالاستدلالي، فيتضاعف به سرورهم.
  يقال: لم كرر ذكر الاستبشار بالنعم؟
  قلنا: في الآية الأولى أراد النعم الواصلة إلى إخوانهم، وفي هذه الآية بما وصل إليهم.
  · الأحكام: تدل الآية أن هناك أجرًا مستحقًا خلاف من يقول: الثواب تَفَضُّلٌ، ومن يقول: إنه لا يستحق على العمل جزاءٌ.
  وتدل الآية على أنه لا يضيع ألبتَّة وأنه يوفره عليهم، وذلك يوجب صحة الموازنة.
  وتدل على أن الإثابة لا تكون إلا من قبله.
  وتدل على أن كل مكلف يجب أن يحفظ ثوابه؛ لأن تضييعه يكون من جهته.
  وتدل على أن غير المؤمن خالف حاله حال المؤمنين في أنه لا يجب توفير أجره؛ لأنه خص المؤمن بذلك، فلو كان الفاسق بمنزلته لم يكن للتخصيص فائدة، والفاسقِ هو الذي ضيع أجره وأحبط عمله.
قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٧٢}