قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق 181 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 182}
  فقير يستقرض منا ونحن أغنياء، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن ابن عباس والحسن ومجاهد، قال الحسن: وهذا القائل حيي بن أخطب، وقيل: القائل فنحاص اليهودي، وذلك أن أبا بكر دخل بيت مدارسهم وفيها ناس من اليهود اجتمعوا إلى رجل يسمى فنحاص وكان من علمائهم، فقال أبو بكر: يا فنحاص، اتق اللَّه وأسلم فإنك تعلم أن محمدًا نبي تجدونه مكتوبًا في التوراة، فقال: يا أبا بكر، ربنا يستقرضنا أموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني، فإن كان ما تقوله حقًا فإن اللَّه فقير ونحن أغنياء، فغضب أبو بكر وضرب وجهه، وقال: لولا العهد لضربت عنقك، فشكا ذلك إلى رسول اللَّه ÷ فقال لأبي بكر: «ما حملك عليه»؟ فحكى ما قال، فأنكر اليهودي ذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية تصديقًا لأبي بكر وتكذيبًا لليهودي، وذلك حين بعثه رسول اللَّه ÷ إلى بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا اللَّه قرضًا حسنًا عن عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق.
  · المعنى: حكى اللَّه تعالى خصلة أخرى من خصالهم فقال سبحانه: «لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ» أي أدرك ذلك، وقيل: سمع بمعنى علمه عن أبي القاسم، «الَّذِينَ قَالُوا» قيل: قوم من اليهود عن الحسن وقتادة ومجاهد، وقيل: فنحاص اليهودي وحيي بن أخطب، وقيل: هم قوم من اليهود قالوا ذلك من جهة ضيق الرزق عن أبي علي «إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنْيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا» قيل: يكتب ذلك في صحائف أعمالهم ليجازي به؛ لأنه أظهر في الحجة عليهم وأجدر أن يستحيوا من قراءة ما أثبت في صحائفهم، عن أبي علي، وقيل: سنحفظ ما قالوا حتى يجازوا به، أي أنه بمنزلة ما كُتِب في أنه لا يضيع شيء منه عن أبي القاسم ومقاتل وأبي عبيدة، وقيل: ستكتب الحفظة ذلك عليهم بأمرنا، وإنما يُكتب لتقرؤوه وليكون