التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور 186}

صفحة 1416 - الجزء 2

  الحسن، وقيل: المبالغة في النهي عن الاغترار بالدنيا والحث على تحصيل الآخرة وقد قال ÷: «موضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها».

  · الأحكام: تدل الآية على أن كل حي سيموت، ولولا السمع لكان يجوز أن تتصل حياتهم إلى وقت المجازاة، ولا يقال: عندكم لا بد من قطع بين حال التكليف والمجازاة؛ لأن ذلك القطع يجوز أن يحصل مع بقاء الحياة.

  وتدل على أن المقتول حصل فيه الموت؛ لأن عند أبي علي الموت معنى محله يضاد الحياة، وعند أبي هاشم الموت عدم الحياة، فعلى كلا المذهبين حصل الموت فيه.

  وتدل على أن المكلف وغير المكلف يموت وأن آخر الأحياء يموت وإن اتصل به الفناء لضرب من المصلحة.

  ويدل قوله: «وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ» أن يجازى بعد الموت فلا بد من انقطاع بين التكليف والجزاء، والمراد بالأجور كل الجزاء أو معظم الجزاء؛ لأنه قد يصل إليه يسير من ذلك قبل يوم القيامة.

  وتدل على أن الظفر والخير كله في الجنة وأن الدنيا غرور لا يغتر بها إلا جاهل.

قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ١٨٦}

  · اللغة: البلوى في اللغة: التجربة، ولا يجوز ذلك على اللَّه تعالى؛ لأنها طلب المعرفة، ومعناه في صفات اللَّه أنه يكلف ليظهر المعلوم فيعامل معاملة المختبر.