التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور 186}

صفحة 1417 - الجزء 2

  والعزم: توطين النفس على الأمر، وقيل: العزم الثبات واللزوم، والعزم والحزم والشدة ألفاظ متقاربة، وعزائم السجود واجباته.

  · الإعراب: اللام في قوله: «لتبلون» لام التأكيد، وفيه معنى القسم، والنون تأكيد للقسم، وإنما ضمت الواو في «لتبلون» ولم تكسر لالتقاء الساكنين؛ لأنها واو جمع حركت بما كان يجب قبلها من الضم، ومثله {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} ولو كانت حرف الإعراب لفتحت، نحو: هل تعدون زيدًا؛ لأن نون التأكيد كهاء التأنيث في لزوم الفتحة.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في كعب بن الأشرف وكان يهجو النبي ÷ والمؤمنين ويحرض المشركين عليهم ويشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم، فقال النبي ÷: «من لي بابن الأشرف»؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا، فخرج محمد بن مسلمة وأبو نائلة مع جماعة، فقتلوه غيلة، وأتوا برأسه إلى النبي ÷ آخر الليل وهو قائم يصلي عن الزهري.

  وقيل: نزلت في فنحاص اليهودي سيد بني قينقاع لما بعث رسول اللَّه ÷ أبا بكر إليه يستمده وكتب إليه كتابًا، فلما قرأه قال: قد احتاج ربكم إلى أن نمده، فهمّ أبو بكر أن يضربه، ثم ذكر أن النبي ÷ قال: «لا تحدث شيئًا حتى ترجع»، فكف، ونزلت هذه الآية عن عكرمة ومقاتل وابن جريج.

  · النظم: لما تقدم الوعد للمؤمنين بالنصر والأمر بالصبر بيّن في هذه الآية أن الدنيا دار محنة وابتلاء فقد يلحقهم فيها ما يكرهون وإن كانت العاقبة لهم، فقال تعالى: