قوله تعالى: {ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير 189 إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب 190}
  · المعنى: «وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» يعني يصرفهما كيف يشاء وذكر الأرض لا بلفظ الجمع لأنه أراد الجنس «وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» أي قادر على كل شيء، وأراد ما يصح كونه مقدورًا له وأطلق للمبالغة؛ لأنه تعالى شيء وإن كان غير مقدور، ثم دل على ذلك فقال سبحانه: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ» في إيجادها وألوانها وتركيبها ورفعها وإمساكها وتزيينها بالنجوم «وَالأَرْضِ» أي في خلقها وبسطها وما فيها من العجائب والنبات والجبال «وَاخْتِلاَفِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ» قيل: في الظلمة والضياء والزيادة والنقصان، وقيل: تعاقبهما، أحدهما يجيء خلف الآخر «لَآيَاتٍ» لحجج «لأوُلِي الألْبَاب» لذوي العقول.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب النظر، وتدل على أن المعارف مكتسبة.
  وتدل على أن في خلق السماوات والأرض لآيات على الصانع وصفاته، وقد مر في سورة البقرة كيفية دلائلها، وتدل على أن التكليف يتوجه إلى العقلاء وأن من لم يكمل عقله لا يؤخذ بشيء، فيدل أن الأطفال لا يؤاخذون خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة في أطفال المشركين، وتدل على أنه تعالى قادر على كل شيء، فيتناول المعدوم؛ لأنه يقدر على إيجاده، ويتناول الموجود لقدرته على إعدامه بإيجاد ضده.
  ويقال: هل يدخل فيه أفعال العباد ومقدوراتهم؟
  قلنا: يدخل في عمومه من حيث يقدر على أن يُمَكِّن منها وعلى المنع، فأما أن يقال إنه مقدور له من حيث يحدثه فلا؛ لأنه يؤدي إلى مقدور بين قادرين، وهذا لا يجوز، والآية، وإن كانت عامة فالمراد بها الخصوص.