التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا 1}

صفحة 1442 - الجزء 2

  · القراءة: قرأ «تَسَاءلون» بتخفيف السين عاصم وحمزة والكسائي، والباقون بالتشديد، أما التخفيف فلحذف التاء، والتشديد على إدغام التاء، وقرأ حمزة وحده «والأرحِامِ» بخفض الميم، وهي قراءة النخعي وقتادة والأعمش، وقرأ الباقون بفتح الميم، فوجه ذلك: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وأما الكسر فبالعطف على (به)، على تقدير تساءلون به وبالأرحام كقولك: سألتك بِاللَّهِ وبالرحم، والأول هو الوجه؛ لأن العرب لا تعطف الظاهر على المجرور المضمر إلا في ضرورة الشعر، بل يعيدون الخافض كقولك: مررت به وبزيد، وقد جاء ذلك في الشعر مع قِلَّتِهِ. قال الشاعر:

  فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتَ تَهْجُونَا وَتَشَتُمُنَا ... فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ

  وعن بعضهم «والأرحامُ» بالرفع على الابتداء، كأنه نوى تمام الكلام عند قوله: «تساءلون به» ثم ابتدأ، «والأرحامُ» كما يقال: زيد ينبغي أن يُكرم، قال الأخفش: وإذا كسرت الميم أضمرت الباء، أراد و «بالأرحام»، ولو لم يضمر لم يجز، والقراء على إظهار القاف والكاف في قوله: «خلقكم» ومنهم من يدغم القاف في الكاف؛ لأنه من مخرجها فصارت كافًا ثقيلة.

  · اللغة: بَثَّ وأبث: فرق، ومنه: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}.

  وتساءلون أصله تتساءلون من السؤال فأدغمت التاء في السين.

  والرقيب: الحافظ فَعِيل بمعنى فاعل، رَقَبَ يَرْقُبُ رَقابةً وَرُقوبًا ورِقْبة ورِقْبانًا أي انتظر، والمرقب المكان العالي الذي يقف عليه الرقيب.