التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا 3}

صفحة 1450 - الجزء 2

  ولو قيل: أو لجاز، ولأن مثنى وثلاث في معنى اثنين وثلاث، ولا يصح ذلك على الجمع كما لا يصح لو أمروا أن يدخلوا الدار على تلك الصفة.

  · النزول: عن عروة بن الزبير قال: سألت عائشة عن هذه الآية فقالت: هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن يتزوجها بأدنى من صداقها، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء.

  وعن الحسن كان الرجل من أهل المدينة يكون عنده الأيتام، وفيهن من يحل له تزويجه فيقول: لا أدخل في رباعي أحدًا كراهة أن يَدْخُلَ غريب فيشاركه في مالهن، فربما يتزوجهن لمالهن ويسيء صحبتهن، ويتربص بهن أن يمتن فيرثهن، فنهى اللَّه عن ذلك، وأنزل هذه الآية.

  وعن عكرمة كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء وأكثر وأقل، فإذا صار مغرمًا لما يلزمه من مؤنة نسائه مال على مال اليتامى الذي في حجره وأنفقه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وأمرهم بالاقتصار على أربع، وألا ينفقوا من مال اليتامى، وروي نحوه عن ابن عباس.

  وقيل: كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى، ولا يتحرجون عن النساء، وربما لا يعدلون بينهن فنهوا عن ذلك، فنزلت الآيات؛ لأن النساء في الضعف كاليتيم عن سعيد بن المسيب والربيع والضحاك والسدي.

  وقيل: تحرجوا عن مال اليتامى وعن نكاحهن فرخص لهن في ذلك، فنزلت الآية عن الحسن.

  · النظم: اختلفوا في وجه اتصال الآية كما اختلفوا في سبب نزولها، وقيل: تقديره: إن خفتم ألا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا ما حل من النساء من غيرهن عن عائشة والحسن وأبي علي والأصم وجماعة، كأنه لما بين حال أموال اليتامى بين حال