التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا 3}

صفحة 1452 - الجزء 2

  بأن تجاوزوا حدكم في الإنفاق؛ لأن كثرة المؤن يعال بها، وقيل: أدنى ألا تجاوزوا ما فرض اللَّه عليكم عن الفراء والأصم، وروي عن الشافعي معناه لئلا يكثر عيالكم، قال أبو العباس: وعند أكثر أهل اللغة هو غلط؛ لأن صاحب الإماء في العيال بمنزلة من له النساء، وإنما يُقال: أعال يعيل إذا كثر عياله، قال القاضي: إنما أراد الشافعي ألا يكثر ما يعولون فتقع الحاجة إلى زيادة النفقة، فيكون من هذا الوجه عائلاً، قال: ولهذا الوجه ترجيح؛ لأنَّهُ لو حمل على الجور لكان تكرارًا، لأنه فهم ذلك من قوله: «وِإنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا» فالأليق أنه أراد ذلك أدنى ألا تحتاجوا إلى زيادة الإنفاق لكثرة العيلة، إلا أن المفسرين وأهل اللغة على خلاف ما قاله.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه خطاب للأحرار؛ لأنه خطاب لولي اليتيم ولا يدخل فيه العبد ومن لا يصلح أن يكون وليًا، ولأنه أطلق الأمر بالنكاح، وليس للعبد ذلك إلا بإذن مولاه، وكذلك قوله: «مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، «وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» وليس للعبد ملك يمين، وليس له أن يتزوج أكثر من ثنتين.

  وتدل على أن تزويج الصغيرة جائز خلاف ما يقوله الأصم. عن أبي علي قال:

  وتدل على أن للولي أن يتزوج الصغيرة.

  وتدل على أن له أن يتزوج الكبيرة بإذنها خلاف ما يقوله الشافعي في المسألتين أن غير الأب والجد لا يزوج الصغيرة وأن الكبيرة يزوجها الولي والسلطان بإذنها.

  وتدل على أن النكاح محصور بعدد، وأجمعت الأمة على ذلك وهو أربع، فإن تزوج خامسة فنكاحها فاسد، وإن تزوج خمسًا في عقده فالجميع فاسد بالاتفاق، إلا في مسألة الكافر إذا تزوج خمسًا في عقده ثم أسلم، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف نكاح الجميع فاسد، وعند محمد والشافعي يختار أربعا ويصح نكاحهن.

  وتدل على أنه لا عدد في ملك اليمين؛ لأنه أطلق.

  وتدل على أنه يلزمه بالنكاح حقوق من النفقة والسكنى والقَسْمِ، وأنه يجب عليه أن يعدل بينهن.