التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا 6}

صفحة 1459 - الجزء 2

  · القراءة: قراءة العامة «رُشْدًا» بضم الراء وسكون الشين، وقرأ السلمي بفتحهما، وهما لغتان رُشْدًا وَرَشَدًا، والرشد خلاف الغي، والمراشد مقاصد الطرق، وفلان لِرِشْدَةٍ إذا كان صحيح النسب، وأرشده إرشادًا فهو مرشد.

  · اللغة: الابتلاء: الاختبار، ابتلى يبتلي ابتلاء، والنكاح يعبر به عن العقد وعن الوطء.

  والإيناس: الإحساس، وآنست: أبصرت، ومنه: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} أو آنست سمعت، وآنست علمت، وأصله الأنس، ومنه الإنس؛ لأنه يؤنس به، والإيناس إحساس ما يؤنس.

  والإسراف: مجاوزة الحد، ومنه السرف تجاوز الحد في التقصير، والأول في الإفراط.

  والبدار والمبادرة مصدران وأصله من الامتلاء، ومنه البدر للقمر لامتلائه نورًا، والبَدْرَة لامتلائها بالمال، والبيدر لامتلائه بالطعام، والمبادرة لأنها كإسراع الإمتلاء بفيض الإناء.

  والعفة: الكف عما لا يحل، يقال: رجل عف وامرأة عفة، وقد عف عفة وعفافًا.

  · الإعراب: «إسرافًا» نصب على الحال، وقيل: لأنه مفعول، وقيل: نصب على المصدر أي لا تسرفوا إسرافًا، وكذلك «بدارًا» نصب على المصدر.

  و (إن) في محل النصب يعني لا تبادروا كبرهم ورشدهم.

  «غنيًا» نصب لأنه خبر كان والاسم مضمر.

  · النزول: نزلت الآية في ثابت بن رفاعة وفي عمه، وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه وهو صغير، فأتى عمه النبي ÷، وقال: ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله؟

  ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى».