التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا 8}

صفحة 1468 - الجزء 2

  المواريث، وكان يجب قبل النسخ تفرقة شيء من التركة بين هَؤُلَاءِ، فلما بين تعالى في آية المواريث سهام الورثة بعد الدين والوصية زال ذلك النسخ، ومنهم من قال: إنه ثابت ليس بمنسوخ، فالأول مروي عن سعيد بن المسيب وأبي مالك والضحاك، والثاني قول ابن عباس وسعيد ابن جبير والحسن وإبراهيم ومجاهد والشعبي والزهري وأبي علي وأبي مسلم.

  واختلف من قال: إنه ثابت على أقوال:

  الأول: منهم من قال: هم أهل الميراث يعطون حقهم.

  والثاني: منهم من قال: هو غير الإرث، وعليه الأكثر، ثم اختلف هَؤُلَاءِ فمنهم من قال: أمر ندب وترغيب، ندبوا عند قسمة التركة - وقد جاءهم الرزق من غير كد وكلفة - أن يخرجوا منه قُرْبًا في هَؤُلَاءِ، وهو قول أبي علي وجعفر بن مبشر وأبي مسلم وجماعة، وإنما قدم القربى؛ لأن وضع الصدقة فيهم أعظم في الأجر، ثم اليتامى للضعف والحاجة، وتعذر إزالته عن أنفسهم، ثم المساكين فيدخل فيه كل فقير، فمنهم من قال: إنه واجب؛ لأنه وصل إليهم من غير كد فغير ممتنع أن يجب فيه حق كالقسمة، وهذا قول مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم والشعبي والزهري قالوا: وهي على ما طابت به نفس الورثة، واختلفوا إذا كان في الورثة صغار فقيل: لا يُعطى من مال اليتيم شيئًا بل يقول قولًا معروفًا، بأنه لو كان لنا لأعطيناك، وهذا لهَؤُلَاءِ الصغار الضعفاء، وإذا كبروا يعرفون حقكم فهذا القول المعروف عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي والحسن، وقيل: بل يُرْضَخ لهم عن عبيدة وابن سيرين، وروي أن عبيدة ذبح شاة من مال اليتيم وقسمه بينهم، وروي أنه قسم ميراث عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة حية فلم يترك في الدار مسكينًا ولا ذا قرابة إلا أعطاهم، وعن بعضهم أنه على ثلاثة أوجه: إن أوصى لهم يعطوا، وإن لم يوص والورثة كبار يرضخ لهم، وإن كانوا صغارًا يُصرَفون بقول حسن، قال الحسن: الآية ثابتة لكن الناس شحوا وبخلوا، وقال سعيد بن جبير: هذه الآية مما يتهاون الناس بها، والقول الثالث: أنه في [صفة] الوصية، وقد بينا.