التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما 11 ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم 12}

صفحة 1477 - الجزء 2

  «فريضة» قيل: نصب على المصدر أي فرض اللَّه في أولادكم فريضة، وقيل:

  على الصرف من الكلام الأول والخروج معه إلى جنس آخر كقوله: هو لك هبة أو صدقة، وقيل: نصب على التوكيد، وقيل: على الحال.

  قوله: «فَإِنْ كَانوا أَكثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ» نصبت «أكثر» على خبر (كان).

  «غَيرَ مُضَارّ» نصبا على الحال أي يوصي في تلك الحال.

  «وَصِيَّةً مِنَ اللَّه» نصبا «وصية» على المصدر أي يوصيكم اللَّه وصية، وقال الفراء: فلكل واحد منهما السدس وصية من اللَّه.

  وقوله: «كَلاَلَةً» نصب قيل: لأنه مصدر وقع موقع الحال، وقيل: على خبر ما لم يسم فاعله «وِإنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً» وقيل: إنه خبر (كان).

  · النزول: روي عن جابر بن عبد اللَّه قال: مرضت فعادني رسول اللَّه ÷ ومعه أبو بكر ¥ فأغمي عليّ، فدعا بماء فصبه عليَّ، فلما أفقت قلت: يا رسول اللَّه أوصي في مالي كيف أصنع في مالي؟ فنزلت آية المواريث.

  وعن عطاء قال: استشهد سعد بن الربيع يوم أحد، وترك ابنتين وامرأة وأخًا، فأخذ الأخ المال، فأتت المرأة إلى رسول اللَّه ÷ وقالت: إن هاتين ابنتا سعد، وإن سعدًا قتل، وإن عمهما أخذ مالهما، فقال ÷: «ارجعي فلعل اللَّه سيقضي في ذلك»، فأقامت حينًا، ثم عادت وبكت، فنزلت: «يوصيكم اللَّه ...» الآية، فدعا رسول اللَّه ÷ عمهما، وقال: «أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك»، فهذا أول ميراث قسم في الإسلام.

  وعن مقاتل: نزلت الآية في قصة أم كجة، وقد مضى ذكر ذلك.

  وعن السدي أنها نزلت في عبد الرحمن بن أخي حسان، وذلك أنه مات وترك