قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما 23}
  · النزول: قال عطاء: نزل قوله: «وَحَلَاِئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ» حين تزوج النبي ÷ امرأة زيد بن حارثة، فقال المشركون في ذلك، فنزلت هذه الآية: «وَحَلَاِئلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ» ونزل: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} و {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}.
  · المعنى: بيان لمن يحل ويحرم، فقال تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكمْ» ولا بد فيه من محذوف؛ لأن التحريم لا يتعلق بالأعيان وإنما يتعلق بأفعال المكلف، ثم يختلف باختلاف ما أضيف إليه، فإذا أضيف إلى المأكول فالمراد أكله، وإذا أضيف إلى النساء فالمراد العقد، تقديره: حرمت عليكم نكاح أمهاتكم، وإنما حذف اكتفاء بدلالة الكلام عليه، ولأنه معهود معلوم، والمراد بالأمهات الأم من النسب «وَبَنَاتُكُمْ» يعني وحرم عليكم نكاح بناتكم من أصلابكم، وهو جمع بنت، وعليكم جمع فهو جمع قصر على جمع فآحاده بإزاء آحاده، كأنه قال: حرم على كل واحد منكم نكاح أمه وبنته «وَأَخَوَاتُكُمْ» جمع أخت «وَعَمَّاتُكُمْ» جمع عمة «وَخَالاتكُمْ» جمع خالة «وَبَنَاتُ الأخ» من النسب «وَبَنَاتُ الأختِ» من النسب، وهذا على ما بينا جمع بإزاء جمع، فكان آحاده بإزاء آحاده «وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاِتي أَرْضَعْنَكُمْ» يعني تحرم الأم من الرضاعة، وهي التي أوضعت الصبي «وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ» بنت المرضعة «وَأمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ» يعني حرم عليكم أم المرأة «وَرَبَائِبُكُمُ» يعني بنات نسائكم من غيركم «اللَّاِتِي فِي حُجُورِكُم» أي في ضمانكم وتربيتكم، يقال: فلان في حجر فلان أي في تربيته «اللَّاِتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» قيل: المراد بالدخول الجماع عن ابن عباس، وقيل: الجماع وما يجري مجراه من المسيس والتجريد عن عطاء، واختلفوا في قوله: «اللَّاِتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» إلى ماذا يرجع؟ فروي عن ابن عباس أن ذلك يرجع إلى أم المرأة وإلى الربيبة، وكان يقرأ: (وأمهات نسائكم التي دخلتم بهن) ويحلف بِاللَّهِ ما نزل إلا هكذا، ويقول: هي بمنزلة الربائب فلما كان الربائب لا تحرم بنفس العقد كذلك أمهات النساء، وهو مروي عن