التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما 24}

صفحة 1516 - الجزء 2

  سبيها وطلاقها، وبيعها وعتقها وهبتها وميراثها وطلاق زوجها، وقال عمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف: ليس بيع الأمة طلاقها، بل طلاقها كطلاق الحرة، وإنما هو في السبي خاصة، ويدل عليه خبر بريرة أن رسول اللَّه ÷ خيرها بعد عتقها، أعتقتها عائشة، ولو بانت بالعتق لم يصح تخييرها.

  الثالث: المحصنات العفائف إلا ما ملكت أيمانكم ملك استمتاع بنكاح بالمهر أو ملك اليمين بالثمن عن أبي العالية وعبيدة وسعيد بن جبير وعطاء والسدي والأصم.

  الرابع: المحصنات الحرائر ومعناه: والمحصنات من النساء حرام عليكم فوق الأربع إلا ما ملكت أيمانكم فإنه لا عدد عليكم فيهن عن يمان. وقيل: إنه تعالى أحل أربع نسوة في أول السورة، وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك، فجعل الخامسة حرامًا كحرمة الأمهات والبنات وما دون الأربع مباح بالنكاح وملك اليمين، وحرام بالزنا، وأن تنكح المرأة زوجين. «كِتَاب اللَّه عَلَيكمْ» يعني كتب اللَّه تحريم ما حرم وتحليل ما حلل عليكم كتابًا فلا تخالفوه، وقيل: معناه مكتوب عليكم أي لازم محتوم، وقيل: اتبعوا كتاب اللَّه في ذلك والزموه.

  «وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ» فيه أربعة أقوال:

  الأول: أحل لكم ما دون الخمس أنْ تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح عن عبيدة السلماني والسدي.

  الثاني: وأحل لكم ما وراء ذوات المحارم من أقاربكم عن عطاء.

  الثالث: ما وراء ذلكم مما ملكت أيمانكم عن قتادة.

  والرابع: ما وراء ذوات المحارم والزيادة على الأربع أنْ تبتغوا بأموالكم نكاحا أو بملك يمين، وقيل: إنه مخصوص بقوله: «لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها» الخبر، وقيل: بل نسخ ذلك منه عن أبي علي والأصم، وقيل: بل تحريم ذلك مفهوم من قوله: «وَأَنْ تَجْمَعُوا بَينَ الأختَينِ» فلا يكون فيه تخصيص ولا نسخ، ووجه ذلك ما بينا من قبل، والصحيح أنه نسخ في الآية والخبر من خبر المتواتر فيجوز نسخ القرآن به «أَنْ تَبْتَغُوا» تطلبوا «بِأمْوَالِكُمْ» يعني بصداق في نكاح أو ثمن في ملك يمين «مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ» قيل: متناكحين غير زانيين عن مجاهد وجماعة من المفسرين، قيل: أعفاء غير زانيين «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ» قيل: انتفعتم وتلذذتم بالنكاح الصحيح «فَآتُوهُنَّ» أعطوهن