التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما 24}

صفحة 1517 - الجزء 2

  «أُجُورَهُنَّ» رهن عن ابن عباس والحسن ومجاهد وابن زيد؛ لأنه إذا جامعها مرة وجب المهر كاملاً، وقيل: المراد به نكاح المتعة، وهو النكاح إلى أجل عن ابن عباس والسدي وجماعة، ثم اختلفوا، فقيل: إنها منسوخة والمتعة حرام، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء، وقيل: بل ثابتة والمتعة ثابتة، وروي عن ابن عباس أنه قال عند موته: اللَّهم إني أتوب إليك من قولي في المتعة والصرف، وروي أن عليًا أنكر ذلك عليه وجماعة من الصحابة، وروي أن عائشة سئلت عن المتعة فقالت: بيني وبينكم كتاب اللَّه قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ} الآية، واللَّه ما نجد في كتاب اللَّه إلا النكاح والملك، وعن ابن عمر: المتعة سفاح، قال أبو مسلم: ولا يجوز حمل الآية عليها؛ لأن أول الآية وآخرها في النكاح ومن يحل ويحرم، ثم أمر من استمتع بها بنكاح أن يعطيها مهرها، وعن الحسن سئل عن المتعة فقال: كان ذلك ثلاثة أيام ثم نهى عنه، والمتعة أن يتزوجها بمهر إلى أجل فإذا انقضت العدة ارتفعت عن غير طلاق، ولا توارث في المتعة ولا عدة، وعليها الاستبراء «أُجُورَهُنَّ» مهورهن عن جماعة من المفسرين، وهو قول أبي علي «فَرِيضَةً» مقدرة والتقدير يقع بشيئين: بتراضيهما وهو المسمى، أو بالشرع وهو الأقل أو مهر المثل، وأكثر المهر لا غاية له وأقله عشرة دراهم عند أهل العراق، وعند الشافعي لا حد له «وَلاَ جُنَاحَ» أي لا حرج ولا إثم «فِيمَا تَرَاضَيتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» من زيادة مهر أو نقصانه، أو حط أو إبراء أو تأخير عن الحسن وابن زيد، وقيل: يجوز أن يكون في النفقة ومهر المثل عن أبي علي، والأول الوجه، قيل: لا حرج عليكم وعلى التي استمتعتم بهن إلى أجل إذا انقضى الأجل بينكم في الفراق والزيادة في الأجل، وقد بينا أن حمل الآية على المتعة لا يصح «إِنَّ اللَّهَ كَان عَلِيمًا حَكِيمًا» يعني عليم بمصالحكم في النكاح وما يحل ويحرم، حكيم فيما يأمركم به من الشرائع.

  · الأحكام: تدل الآية على تحريم ذوات الأزواج، ولا خلاف أن من كانت ذات زوج لا تحل لغيره حتى تبين من الأول، وإنما استثنى ملك اليمين وإن بانت لئلا يظن أن الزوج إذا