التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم 25}

صفحة 1519 - الجزء 2

  ويدل على أنه متى استمتع استقر المهر، فلا يسقط بالطلاق وغيره، والاستمتاع قد يكون بالجماع وقد يكون بالمس والوطء فيما دون الفرج، فيدل على أن بالخلوة يستقر المهر على ما يقوله أبو حنيفة.

  وتدل على أن المهر يسمى أجرًا، ولا يسمى ثمنًا؛ لأنه بدل من المنافع دون العين.

  ويدل قوله: «فَرِيضَةً» على أنه لا بد من تقدير، وقد بينا أن التقدير بالتراضي أو بالشرع نحو مهر المثل يعتبر من كان في مثل حالها ووقتها ومكانها من قراباتها من جهة الأب.

  ويدل قوله: «فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» أن المهر لا يكون إلا ما يصح فيه الإيتاء، فيبطل قول من يقول: إن تعليم القرآن يكون صداقًا، فأما من استدل بقوله: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ» على جواز المتعة فباطل؛ لأنها عائدة على المحللة بطريقة التزويج، وأي شبه بين قوله: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ» وبين المتعة إلا من حيث اللفظ، وقد بينا ما قيل فيه، وكان عمر ينهى عنه ويشدد فيه ظاهرًا بحضرة الصحابة من غير نكير ولا خلاف.

  ويدل قوله: «وَلاَ جُنَاحَ» على جواز الزيادة في المهر على ما يقوله مشايخنا خلاف ما يقوله الشافعي، وإذا ثبت في المهر ثبت في البيع وفي سائر العقود، ذكره علي بن موسى القمي.

قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٥}

  · القراءة: قرأ الكسائي «المُحْصِنات.» بكسر الصاد، وكذلك «مُحْصَنَاتٍ غَيرَ» ولا «مَا عَلَى