التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم 25}

صفحة 1521 - الجزء 2

  · الإعراب: «طَوْلاً» نصب لأنه مفعول، والعامل (يستطع) «محصنات» نصب على الحال.

  «خيرٌ» رفع لأنه خبر الابتداء تقديره: والصبر خير لكم.

  · المعنى: لما تقدم إباحة النكاح بالمال، عقبه بذكر من لا يستطيع [الإتيان] بالمال للمهر والنفقة، وبين نكاح الإماء، فقال تعالى: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ» قيل: يجد، وقيل: لم تطل يده بما يصلح للحرائر عن أبي مسلم «مِنْكمْ» أيها المؤمنون «طَوْلاً» قيل: غنًى عن ابن عباس وسعيد بن جبير، ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد، وقيل: هوى عن ربيعة وجابر وعطاء وإبراهيم قالوا: إذا هوي الأمة فله أن يتزوجها وإن كان ذا يسار، وقال الحسن والشعبي: لا يجوز ذلك، والقول الأول أظهر، وقيل: الطول: القدرة على المهر عن الأصم، وقيل: الفضل من المال، وقيل: القدر الذي تنكح به الحرة والكل متقارب، وقيل: المراد به كون الحرة في حباله «أَنْ يَنكِحَ» يتزوج «الْمُحْصَنَاتِ» الحرائر «الْمُؤْمِنَاتِ» المسلمات، يعني لم يقدر على شيء من المهر والنفقة ما يصلح لنكاح هَؤُلَاءِ «فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ» يعني فليتزوج من الإماء المؤمنات، والمراد به إماء الغير؛ لأنه يجوز أن يتزوج بأمة نفسه بالإجماع «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ» يعني هو أعلم بإيمانكم من بعضكم بإيمان بعض، وقيل: أمر باعتبار الظاهر وأن تكلوا السرائر إلى اللَّه تعالى «بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ» قيل: كلكم ولد آدم فلا تستنكفوا من نكاح الإماء، فإنهن من جنسكم كالحرائر عن الأصم وجماعة، وقيل: كلكم على الإيمان، وقيل: بعضكم من بعض في النسب، ودينكم واحد، فلا ينبغي أن تعيروا بالهجنة، ونهى عن عادة الجاهلية في الطعن في الإماء «فَانْكِحُوهُنَّ» تزوجوهن «بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ» أي بأمر سادتهن ومواليهن «وَآتُوهُنَّ» أعطوهن «أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» أي مهرًا لا ينكر في الشرع، وهو ما يتراضى عليه الأهلون، أو ما يوجبه الشرع، وقيل: من غير مطل وضرار، وقيل: على وفق الشرع من مهر أو نصف مهر «مُحْصَنَاتٍ» قيل: