قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم 25}
  هن العفائف، أي تزوجوا العفائف دون المسافحات يعني الزواني، وهي مُفَاعِل فيكون بين اثنين، وقيل: بنكاح لا سفاح، «وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ» يعني أن تتخذ صديقًا في السر يزني بها، وكان قوم في الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي عن ابن عباس وجماعة من المفسرين، فنهى اللَّه تعالى عن الزنا سرًا وجهرًا «فَإِذَا أُحْصِنَّ» بضم الألف زوجن فأحصنهن أزواجهن، وقيل: تزوجهن عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة، وبالفتح قيل: أسلمن عن عمر وابن مسعود والشعبي وإبراهيم والسدي، قال الحسن: يحصنها الزوج، ويحصنهن الإسلام، وقيل: معناه بلغن، وقيل: حفظن فروجهن «فَإِنْ أَتَينَ بِفَاحِشَةٍ» يعني فإن زنت إماؤكم بعدما أُحْصِنَّ بالإسلام أو نكاح أو عقل أو بلوغ «فَعَلَيهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ» يعني الحرائر إذا زنين «مِنَ الْعَذَابِ» أي من الحد وهو خمسون جلدة، نصف جلد الحرة وهو مائة جلدة، «ذَلِكَ» يعني نكاح الإماء المؤمنات عند عدم طول الحرة «لِمَنْ خَشِيَ» خاف «الْعَنَتَ» قيل: الزنا عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعطية العوفي والضحاك وابن زيد، وقيل: هو الضرر الشديد في دين أو دنيا لغلبة الشهوة من قوله: {وَدُّوا مَا عَنِتُم} عن أبي مسلم، وقيل: خشي أن يهواها فيزني بها، وقيل: العنت الخروج عن الحق «وَأَنْ تَصْبِرُوا خَير لَكُمْ» قيل: عن نكاح الإماء عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومجاهد وعطية خير لكم.
  وفي الصبر عن نكاحها من الخير وجوه:
  منها: أن ولده منها يكون رقيقًا.
  ومنها: أنها مشترك لا يقدر على حبسها.
  ومنها: ما يختص الإماء من الأحكام.
  ومنها: أن مهرها لغيرها فلا يمكنها تَصَرُّفٌ فيه بقبض ولا إبراء.
  «وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» قيل: غفور لمن تزوج على غير هذه الشرائط ثم تاب، رحيم في إذن من أذن في نكاحه، وقيل: غفور لما سلف منكم إن صلحتم رحيم في النظر لكم.