التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا 33}

صفحة 1541 - الجزء 2

  · المعنى: عاد الكلام إلى ذكر المواريث فقال تعالى: «وَلِكُلّ» يعني لكلكم أيها الناس، وقيل: لكل مال، وشيء تركه عن أبي علي «مَوَالِيَ» أي ورثة هم أولى بميراثه، قيل:

  المولى العصبة من الورثة عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وابن زيد، وقيل:

  الموالي الورثة عن السدي، وعلى هذا تقدير الآية: لكل شيء من تركة الميت جعلنا له موالي يستحقه ويرثه «مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ» وعلى هذا الوالدان والأقربون الموروثون، وقيل: معناه لكل جعلنا موالي أي ورثة للتركة، ثم فسر فقال: هم الوالدان والأقربون، ويكون (ما) بمعنى {مَنْ}، وعلى هذا يكون الوالدان والأقربون هم الوارثون، «وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ» فيه خمسة أقوال:

  الأول: الحلفاء في الجاهلية عن سعيد بن جبير وقتادة وعامر والضحاك، وذلك أن الرجل كان يعاقد غيره، ويقول: دمي دمك، وسلمي سلمك، وحربي حربك، وترثني وأرثك، وتعقل عني وأعقل عنك.

  الثاني: الَّذِينَ تبنيتم ثم نسخ، عن الحسن وسعيد بن المسيب.

  الثالث: الذي آخى بينهم عن ابن عباس وابن زيد، وعلى جميع هذه الأقاويل أنه أمر لهم بنصيب ثم نسخ.

  الرابع: أنه لم يأمر للحليف بشيء، (والَّذِينَ عاقدت) معطوف على (ترك الوالدان)، أي وترك الَّذِينَ عاقدت أيمانكم، وهم ورثته فآتوا كلاً نصيبه من الميراث عن أبي علي، ولا يكون فيه نسخ.

  الخامس: المراد به الزوج والزوجة، والنكاح يسمى عقدًا، قال تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} وهذه الآية نظير آية المواريث في بيان فرض الولد والزوج والزوجة عن أبي مسلم، وأنكر النسخ على مذهبه في ذلك، ويحتمل وجها سادسا، وهو أن يكون المراد ولاء الموالاة.

  «فَآتُوهُمْ» أعطوهم «نَصِيبَهُمْ» أي حظهم من الميراث عن ابن عباس والحسن.