التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا 34}

صفحة 1544 - الجزء 2

  · النظم: يقال: كيف اتصال هذه الآية بما قبلها؟

  قلنا: فيه وجوه: قيل: لما بين فضل الرجال على النساء في المواريث بين فضلهم بالقيام بأمر النساء في المهر والنفقة وغير ذلك، وقيل: لما بين حال القيمين بأمر اليتامى لحاجتهم في أول السورة بفضل الرجال في المواريث بين أن ذلك لما يلزمهم من المؤن في أمر النساء، وقيل: لما بين حال القيمين بأمر اليتامى لحاجتهم بيّن حال القيمين بأمر النساء لحاجتهن.

  · المعنى: «الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ» قيل: أهل قيام على نسائهم بالتأديب والتدبير لما فضلوا به من العقل والرأي، وقيل: هم قائمون بأمرهن رعاة لهن، فيجب عليهن طاعتهم ولهم تأديبهُن، ثم بين العلة في ذلك فقال: «بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ» قيل: بالعقل والرأي والدين والعبادة والشهادة، وقيل: بالتصرف والتجارات عن القرظي، وقيل: بالجهاد، وقيل: بالجمعة والجماعة عن الربيع، وقيل: بالإنفاق عن الحسن، وقيل: بالميراث والدية، وقيل: بالنبوة والخلافة، وقيل: بما إليه من الطلاق والرجعة وما عليه من المهر والنفقة، ومعنى «بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ» يعني فضل الرجال على النساء، ويحمل على جميع ما تقدم؛ إذ لا تنافي «وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» في المهر والنفقة، ثم قسم النساء قسمين، وذكر حكم كل قسم، وبدأ بالقسمة الأولى، وقال: «فَالصَّالِحَاتُ» يعني النساء الصالحات «قَانِتَاتٌ» قيل: مطيعات لله تعالى وللزوج عن قتادة وسفيان، وقيل: الصالحات في دينها وصحبة زوجها، القانتات الدائمات على أداء ما فرض اللَّه عليهن عن أبي علي، وقيل: قائمات بحق اللَّه وحق الزوج عن الأصم، وقيل: مصليات، حكاه الأصم «حَافِظَاتٌ لِلْغَيبِ» يعني حافظات لِمَا غاب عنه أزواجهن من ماله وما يلزم عن صيانة نفسها عن قتادة وعطاء وسفيان، وقيل: حافظات لما استودعهم اللَّه في غيبة أزواجهن كما يحفظن في حال حضورهم «بِمَا حَفِظَ اللَّهُ» أي بما حَفِظهُنّ اللَّه عن عطاء؛ أي سبب حفظ اللَّه من حقوقهن على الأزواج من المهر والنفقة وحسن العشرة، وقيل: بحفظ اللَّه الذي ألزمهن وأوجب