قوله تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا 46}
  · الأحكام: تدل الآية على ذم طائفة من أهل الكتاب استبدلوا الضلالة بالهدى.
  والآية وإن وردت فيهم، فإنها تتناول كل من اختار الضلالة وترك الهدى.
  وتدل على أنهم مختارون لأفعالهم، لولا ذلك لما صح وصفهم بأنهم اشتروا الضلالة، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في الاستطاعة والمخلوق.
  وتدل على أن إرادة القبيح قبيحة، ولذلك قلنا: لا يجوز أن يريد تعالى القبائح، كما لا يجوز أن يفعل القبائح، ولذلك ذمهم على إرادتهم تلك.
  وتدل على أنه تعالى لا يريد الضلال؛ لأنه ذمهم على تلك الإرادة، ولا يجوز أن يذمهم على إرادة، وتلك الإرادة تقع منه.
  وتدل على أن الواجب على العبد التوكل على اللَّه وتفويض أمره إليه؛ فإنه يكفي به ناصرًا ومعينًا.
قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ٤٦}
  · القراءة: قراءة العامة «الْكَلِمَ» وعن علي # «الكلام» فالأول على جميع ما حرفوه، والثاني على صفته، وأنه الرجم.
  والكلم جماعة الكلمة.
  · اللغة: التحريف والتبديل والتغيير نظائر، والتحريف قد يكون في اللفظ وقد يكون في المعنى.
  واللَّيُّ: الفَتْلُ، لويت العود ليًا، ولويت الغريم: مطلته؛ لفتله عن حقه، وأصله لَوْيٌ؛ لأنه من لَوَيتُ قلبت الواو ياء لأن ما بعدها ياء، وأدغم الياء في الياء.