التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا 47}

صفحة 1580 - الجزء 2

  · القراءة: قراءة العامة «نَطْمِسَ» بكسر الميم، وقرأ أبو رجاء العطاردي بضم الميم، وهما لغتان.

  · اللغة: الطمس والمَحْوُ والدَّثْرُ نظائر، وهو عَفْوُ الأثر، والطامس والدارس والداثر نظائر.

  وطمسنا أعلام الطريق نَطْمِسُ طموسا.

  وأصل الأدبار الدبر من قولهم دبره يدبره دبرًا، وهو دابر له إذا صار خلفه، والدُّبُرُ خلاف القُبُلِ، والدابر: التابع، ومنه {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} أي تبع النهار، والدبر: النحل؛ لأن قوته من جهة دبره، ومنه التدبير؛ لأنه إحكام عواقب الأمور وأدبارها.

  · الإعراب: الهاء في «نردها» و «أدبارها» تعود علي الوجوه تقديره: نطمس وجوهًا فنرد الوجوه على أدبارها.

  «مُصَدِّقًا» نصب على الحال، وهو يرجع إلى ما أنزلنا، أي دون المأمورين، ولو كان لهم لقال: آمنوا بما نزلنا مصدقين لما معكم «ما» بمعنى الذي.

  و «نردها» عطف على «نطمس»، «أو نلعنهم» ليس (أو) للشك قيل: معناه الواو، وقيل: نفعل بهم هذا وهذا.

  · النزول: عن ابن عباس قال: كلم رسول اللَّه ÷ جماعة من اليهود من أحبارهم منهم عبد اللَّه بن صوريا، وكعب بن أسد، وعبد اللَّه بن سلام، وغيرهم فقال: «اتقوا اللَّه وأسلموا فواللَّه إنكم لتعلمون أني جئتكم بالحق»، فقالوا: ما نعرف ذلك يا محمد فنزلت الآية.

  وقيل: لما نزلت هذه الآية أتى عبد اللَّه بن سلام النبي ÷ وأسلم، وقال: ما