قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما 48}
  وتدل على أن لفظة (قَبْل) تستعمل من الشيء أنه قبل غيره، ولم يوجد ذلك الغير، ولا خلاف أن استعماله يصح لذلك، يقال: إنه تعالى قبل خلقه، ثم اختلفوا أنه حقيقة أو مجاز، فعند أبي علي أنه حقيقة، وعند أبي هاشم أنه توسع وحقيقة، (قبل) و (بعد) لا يصح إلا في شيئين يشتركان في الوجود ويتقدم أحدهما ويتأخر الآخر. قال علي بن موسى القمي: تدل أنه إذا قال: عبده حر قبل أن يدخل هذه الدار يعتق في الحال؛ لوجود الصفة، وإن لم يقع الدخول، قال القاضي: وهذا يبعد؛ لأن مع فقد الدخول لا يقال فيما تقدم: إنه قبله.
  ويدل آخر الآية على أن وعيده واقع لا محالة فتدل على بطلان قول الكلابية في الكلام.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ٤٨}
  · اللغة: افترى: اختلق وكذب، وأصله من خلق الأديم، يقال: فَرَيتُ الأديم: قطعته، وخلقته قدرته، وسواء قولك: فريت وافتريت، وهو من الباب الذي فعلت وافتعلت بمعنى.
  · الإعراب: «أن يشرك» أن مع الفعل بمعنى المصدر تقديره: إن اللَّه لا يغفر الشرك.
  · النزول: قيل: نزلت في وحشي وأصحابه، فإنه لما قَتَلَ أصحابه ورجع مكة، فكتبوا بذلك إلى رسول اللَّه ÷ فنزلت الآية، عن الكلبي.
  وقيل: نزلت في اليهود فلا يغفر لليهود، ويغفر ما دون ذلك لأهل التوحيد عن مقاتل، وقيل: لما نزل: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} قرأها رسول الله ÷ على