قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا 49 انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا 50}
  مجمل يحتاج إلى بيان. عن الحسن أنه الصغائر وتلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} فكأنه جعل ذلك بيانًا لهذه الآية، والمجمل ينبئ عن المفسر.
  وتدل على أن الكفر قد يكون كلامًا فيبطل قول من يقول: إن الكفر قد يدخل في أفعال القلوب فقط، وقد استدلت المرجئة بهذه الآية وجعلوها عمدتهم، وأقوى ما يتعلقون به في ذلك وجهان:
  أحدهما: أنه نفى غفران الشرك، وإنما أراد غفرانه تفضلاً؛ لأنه يغفر عند الوجوب فوجب أن يكون قوله: «وَيَغْفِرُ» يريد تفضلاً حتَّى يصح التقابل.
  وثانيها: أنه علقه بالمشيئة، وهذا يقتضي نفي الوجوب والتخيير في المغفرة.
  والجواب عن الأول: أنه مجرد دعوى، من قال: لا أعطي أحدًا، وأعطي زيدًا، لا يدل أن ما يعطيه تفضل على أنا بينا على المعنيين اللذين ذكرنا حُسْنَ التقابل وما قيل فيه.
  والجواب عن الثاني: أن تعليقه بالمشيئة لا يدل على أنه غير واجب كقوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} وإنما نبه بالآية على قدرته ورحمته.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ٤٩ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا ٥٠}
  · القراءة: · القراءة الظاهرة «ألم تر» بفتح الراء، وعن السلمي بسكون الراء، وهي لغة قوم لا يكتفون من الجزم بحذف الحرف حتى سكنوا حركته، والأول اللغة العالية.
  · اللغة: التزكية: التطهير والتقديس، وقد يكون الوصف بالتطهير تزكية.