التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا 51}

صفحة 1589 - الجزء 2

  مثلاً، واختلفوا في معناه: فقيل: هو ما يكون في شق النواة عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وقتادة وعطية، وقال الحسن: الفتيل ما في بطن النواة، والنقير ما على ظهرها، والِقْطمِيرُ قشرها، وقيل: الفتيل ما فتلته بين أصبعيك من الوسخ عن ابن عباس وأبي مالك والسدي، وقيل: الخيط المفتول، قيل: بمعنى مفعول عن أبي مسلم «انظُرْ» يا محمد إليهم «كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» قيل: افتراؤهم تزكيتهم لأنفسهم، وقولهم: إنا أبناء اللَّه وأحباؤه، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودًا عن ابن جريج وأبي علي، فيتصل ذلك بما قبله، وقيل: إنه يرجع إلى قوله: «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه» تقديره: انظر كيف يحرفون ويفترون على اللَّه الكذب، وهم مع ذلك يزكون أنفسهم عن أبي مسلم «وَكَفَى به» أي حسبهم بهذا القول «إِثما» وزرًا «مُبِينًا» بيِّنًا يوضح أنهم كفرة كذبة، و (كفى) يذكر تعظيمًا، ففيه استعظام لقولهم: يقال: كفى بحال المؤمن نبلاً، وكفى بحال الكافر خِزْيا، فيذكر تعظيمًا في المدح والذم.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يجوز تزكية النفس بما ليس فيها والشهادة لها بالجنة، لأنه ذمهم على ذلك.

  وتدل على أنه تعالى المختص بعلم السرائر وعواقب الخلق.

  وتدل على تنزيهه عن الظلم، وذكر الفتيل ليعلم أنه لا يظلم قليلاً ولا كثيرًا.

  وِتدل على عظيم إثم من افترى على اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا ٥١}