قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا 51}
  ليحالفوا قريشا على رسول اللَّه ÷ وينقضوا عهده، ونزل على أبي سفيان، واليهود في دور قريش، فقال أهل مكة لهم: أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكرًا منكم، فإن أردت أن نخرج معك، فاسجد لهذين الصنمين ففعل، قال كعب: نحن منكم وأنتم منا، وتعاقدوا على قتال محمد، فقال أبو سفيان لكعب: إنك لتقرأ الكتاب فبين أنحن أهدى طريقًا أو محمد؟ قال كعب: اعرضوا عليّ دينكم، فقال أبو سفيان: ننحر للحجيج ونسقيهم، ونقري الضيف، ونفك العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت اللَّه، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الدين القديم والحرم. قال كعب: أنتم واللَّه أهدى سبيلاً من محمد، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية في كعب وأصحابه عن عكرمة وجماعة من المفسرين.
  وروي أن وفدًا من اليهود قدموا مكة حين جمعوا الأحزاب، منهم حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع وغيرهم، فقال لهم المشركون: أنتم أصحاب كتاب، ديننا خير أم دين محمد؟ فقالوا: دينكم خير من دينه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن محمد بن إسحاق، قال: ثم تعاقدوا مع الأحزاب.
  · المعنى: ثم بين خصلة أخرى من خصال اليهود، وأفعالهم الخبيثة فقال تعالى: «أَلَمْ تَرَ» أي ألم تتعجب من هَؤُلَاءِ «الَّذِينَ أُوتُوا» أعطوا «الْكِتابَ» التوراة «يُؤْمِنُونَ» يصدقون قيل: يقبلون ما دعوا إليه من الكفر عن الأصم، وقيل: يعبدونها ويتخذونها آلهة «بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ» فيه أقوال:
  أولها: أنهما صنمان لقريش عن عكرمة، قال أبو علي: هَؤُلَاءِ جماعة من اليهود آمنوا بالأصنام التي كان يعبدها قريش تقربًا إليهم؛ ليعينوهم على رسول اللَّه ÷.
  الثاني: الجبت: الأصنام، والطاغوت: تراجمة الأصنام الَّذِينَ يتكلمون بالتكذيب عنها عن ابن عباس.