قوله تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما 54 فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا 55}
  اللعن، فلو كان النبي ÷ يشفع لهم لكان أعظم نصرة، والآية تنفي ذلك، وخصوص السبب يمنع من حمل الآية على ظاهره، فيبطل قول المرجئة في الشفاعة.
  وتدل على خبث سرائر اليهود، وضم البخل والشح إلى كفرهم.
  وتدل على أنهم ليسوا بأهل المال والنبوة لخبثهم، فتدل على أن من حق النبي ÷ أن يكون معصومًا، وهذا في الملك الذي هو النبوة والإمامة؛ لأن من شرطه العلم والشجاعة والسخاء، كي لا يمنعه البخل من وضع الحقوق في مواضعها، ولا يشترط أن يكون بذالا.
  ومتى قيل: أليس عندكم يجوز أن يكون غير معصوم في الباطل، فإذا كان بخيلاً منع الحقوق؟
  قلنا: منهم من قال: إذا كان ظاهره خلاف باطنه يطلع اللَّه عليه، ومنهم منْ قال: المعتبر الظاهر، فإذا خالف الشرع في الظاهر انعزل واستبدل، وإن عدل في الطاعة فلا اعتبار بالباطن، فأما النبي ÷ فيكون معصومًا ظاهرًا وباطنًا.
قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ٥٥}
  · اللغة: الحسد: تمني زوال النعمة عن صاحبها لما يلحقه من المشقة في نيله لها، وهو خلاف الغِبْطة، فإنه تمني مثل تلك النعمة لأجل السرور بها لصاحبها، فالحسد مذموم؛ لأن فيه التسخط بقضاء اللَّه تعالى، والغبطة محمودة؛ لأن فيها الحاجة إلى اللَّه تعالى، ولذلك تعبدنا بالاستعاذة من الحساد وشرهم.
  والصدود: الإعراض، صد عنه يَصُدُّ، ويقال: صده وصد عنه.
  وأصل السعير السَّعْرُ، وهو إيقاد النار، ومنه: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ١٢}.