التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما 54 فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا 55}

صفحة 1597 - الجزء 2

  الأول: أنه محمد، ÷ خاصة عن ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وعكرمة، وأقامه مقام الجماعة تعظيمًا له، وقيل: لما كان قوام الدين به صار حسدهم له كحسدهم لجميع الناس.

  الثاني: أراد به العرب؛ لأنهم حسدوهم إذ كانت النبوة فيهم عن قتادة وأبي مسلم.

  الثالث: أراد محمدًا وأصحابه؛ لأنه قد جرى ذكرهم في قوله: «هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا» عن أبي علي وأبي القاسم، وقيل: أراد محمدًا وأبا بكر وعمر وعثمان وعليا. «عَلَى ما آتَاهُمُ اللَّه مِنْ فَضْلِهِ» أي أعطاهم من نعمه قيل: النبوة حسدوا العرب لما كانت النبوة فيهم عن الحسن وقتادة وابن جريج، وقيل: إباحة النساء التسع للنبي ÷ عن ابن عباس والضحاك والسدي، والأول أوجه «فقَدْ آتَينَا» أعطينا «آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ» التوراة والزبور والإنجيل «وَالْحِكْمَةَ» ما أوتوا من العلم، وقيل: السنة «وَآتَينَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا» قيل: النبوة عن مجاهد والحسن وقيل: ملك سليمان عن ابن عباس وعطية.

  الثالث: ما حل لداوود من النساء تسع وتسعون امرأة، ولسليمان مائة عن السدي، وقيل: كان لسليمان ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سُرِّية، والأول الوجه، وتقدير الكلام: أنهم حسدوا العرب على ما آتاهم من النبوة، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والنبوة، قيل: هو ما آتاهم من الجنود والنصرة والمدد بالملائكة «فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ» أعرض «عَنْهُ» فيه قولان:

  من أهل الكتاب مَن آمن بمحمد، ومنهم من أعرض عنه ولم يؤمن، وقد جرى ذكره في قوله: {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} عن مجاهد وأبي علي والزجاج.

  الثاني: من أمة إبراهيم مَن آمن بإبراهيم، ومنهم من أعرض عنه، كما أنكم في أمر محمد كذلك، وليس ذلك موهن أمره كما لم يكن ذلك موهنًا أمر إبراهيم «وَكفى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا» أي حسبهم عذاب جهنم ونارها الموقدة.