التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما 56 والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا 57}

صفحة 1599 - الجزء 2

  · اللغة: التبديل: التغيير، والتبديل يطلق على تغيير الصفة، وإن كان العين باقيًا بحاله، كما تقول: بدلت خاتمي، وهذا غير ذلك، أو غيرت صفته، وكما أنه تعالى يفني الخلق ثم يعيده فيجوز أن يقال: هذا غيره، وإن كان العين هو، وقد يكون التبديل بأن يوضع غيره موضعه، وقد قيل: في قوله: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ} الوجهان.

  وأصليته النار إصلاء إذا ألقيته فيها، وألزمته إياها.

  والتطهير: خلاف التنجيس، والطهارة: خلاف النجاسة.

  والظل أصله الستر من الشمس، والظل الليل؛ لأنه كالستر من الشمس، والظلة: السترة.

  · الإعراب: «نارًا» نصب لوقوع الفعل عليه على قراءة من قرأ بضم النون، تقديره: يلزمه نارًا، وعلى فتح النون بنزع الخافضة، أي نصليه بنار ونشويه بها.

  وفي قوله: «تَحْتِهَا الأَنْهَارُ» محذوف أي يجري الماء في الأنهار، إلا أنه كثر استعماله فقيل: تجري الأنهار، كقولهم: هذا قول امرئ القيس، فإنه إن كان مجازًا فقد صار لكثرة الاستعمال حقيقة في حكاية قوله.

  «خَالِدِينَ» نصب على الحال.

  و «أبدًا» نصب على الظرف، ولا يكون إلا منصوبًا؛ لأنه من الدهر.

  «ظِلاً» نصب لوقوع الفعل عليه «ظليلاً» توكيد، كقولهم: ليل أَلْيَلُ.

  · المعنى: لما تقدم ذكر المؤمنين والكفار أعقبه بذكر الوعد والوعيد، فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كفَرُوا بِآيَاتِنَا» أي جحدوا حجتنا «سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا» أي نلزمهم نارًا نحرقهم ونعذبهم بها، وقيل: نصيرهم وقودًا لها عن أبي مسلم «كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ» لانت واحترقت «بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرَهَا» فيه أربعة أقوال:

  الأول: أنه يجدد لهم جلودًا غير الجلود التي احترقت على ظاهر التلاوة، وهي