قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا 59}
  يؤمن كونه جورًا، واستدل بعضهم بالآية على أن الحاكم يجب أن يكون من أهل الاجتهاد على ما يقوله محمد بن الحسن؛ ليمكنه أن يعلم العدل والجور، وأما أبو حنيفة فقال: يجوز له أن يقضي تقليدًا، كما يجوز للعامي أن يعمل بقول المفتي.
  وتدل على أن قضاء القاضي ينفذ، لولا ذلك لكان الجور كالعدل في أنه لا يلزم، ولهذا قالوا: إن قضاءه لا ينقض إلا إذا خالف نصًا أو إجماعا، وهذا لا شبهة فيه ظاهرًا، واختلفوا أن قضاءه في العقود والفسوخ هل ينفذ باطنًا، فقال أبو حنيفة ينفذ، واتفقوا في الأموال أنه لا ينفذ.
  وتدل على أن الحاكم لا بد أن يكون مخصوصًا؛ لأنه أمره بالحكم بين الناس دل أنه سواهم.
  وتدل على أن غرض الحاكم يجب أن يكون العدل؛ فتدل من هذا الوجه أنه لا يجوز له أخذ الأجرة والرشوة، وتدل على أنه لا بد من سبب يصير به حاكمًا لولاه استوى جميع الناس، فمن هذا الوجه يدل على أنه لا بد من إمام يحكم، أو يولي من يحكم.
  وتدل على أن إنفاذ القضايا إلى الإمام ومن يلي مِنْ قِبَلَهِ، وقد اختلفوا فيما إلى الإمام، فقيل: أمور شرعية كحفظ البيضة، وأمور الصدقات والغنائم، ومنع الظلم، وإنفاذ الأحكام والقضايا، وزعمت الإمامية أن بيان الشرع وحفظ البيضة إليه، والواجب أخذه عنه، وهذا لا يصح عندنا، فأما الأمانات فمالية وغير مالية، فغير المالية كالعبادات ونحوها، والمالية كالوديعة واللقطة والآبق والمستأجر والعارية عند أبي حنيفة، ولكل واحد منهما حكم، وذلك مذكور في كتب الفقه.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ٥٩}
  · اللغة: أولو الأمر: من له الأمر كما أن أولي المال من له المال، قال أبو مسلم: وهو جمع واحده «ذو»، وهو مجموع على غير لفظه، يقال: ذو الأمر، وأولو الأمر، وذوو