التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا 59}

صفحة 1605 - الجزء 2

  الرحم، وأولو الأرحام، وقد يجمع على لفظه، فيقال: ذو المال وذوو المال.

  المنازعة: مفاعلة من النزع، والتنازع: اختلاف الآراء، وأصله النزع فإنهما يتجاذبان ويتمانعان ما اختلفا فيه.

  والتأويل من آل يؤول إذا رجع.

  والمآل: المرجع، والعاقبة: ما آل وإلى هذا يؤول أمره، أي يرجع.

  · الإعراب: «أولي الأمر» نصب ب «أطيعوا».

  و «تؤمنون» محله نصب؛ لأنه خبر (كان) تقديره: إن كنت أنت مؤمنا فافعل كذا.

  «تأويلا» نصب على التفسير والتمييز؛ لأنك لو قلت: وأحسن لم يعلم ما هو، ففسر بما بعده.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في عبد اللَّه بن حذافة السهمي، بعثه رسول اللَّه ÷ في سرية عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس، وروي عن ابن عباس أن النبي، ÷ بعث خالد بن الوليد في سرية وفيهم عمار، فلما دنوا منهم هربوا غير رجل كان قد أسلم، فأتى العسكر، واستأمن عمارًا فأَمَّنهُ عمار، وأمره أن يقيم، وأصبح خالد مغيرًا على القوم، وأخذ ذلك الرجل وماله، فقال عمار: خَلّ سبيله؟ فإنه مسلم وقد أمنته، فقال خالد: أنت تجير عَلَيَّ وأنا الأمير، وجرى بينهما كلام، وانصرفوا إلى رسول اللَّه ÷ فأخبره بالقصة، فأجاز أمان عمار، ونهى أن يجير على أمير بغير إذنه، واستب عمار وخالد بين يدي رسول اللَّه ÷ فقال ÷: «كف عن عمار من يسب عمارًا يسبه اللَّه، ومن يبغض عمارًا يبغضه اللَّه»، فقام عمار وتبعه خالد، وسأله أن يرضى عنه فرضي، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.