التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا 59}

صفحة 1606 - الجزء 2

  · المعنى.

  لما بين تعالى في الآية المتقدمة ما يجب على الولاة من حقوق رعاياهم بَيَّنَ في هذه الآية ما يجب عليهم من حقوق ولاتهم، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله «أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» قيل: أطيعوا اللَّه في أوامره، وأطيعوا الرسول في أوامره، وقيل: طاعة اللَّه في اتباع فرائضه، وطاعة الرسول في حياته باتباعه، وبعد وفاته باتباع سنته وشرائعه، «وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ» قيل: هم الأمراء عن أبي هريرة وابن عباس بخلاف وميمون بن مهران والسدي وهو قول أبي علي، وقيل: أمراء السرايا في وقت الرسول عن أبي مسلم، وقيل: هم العلماء عن جابر وابن عباس ومجاهد والحسن وعطاء وأبي العالية والضحاك، واختاره القاضي؛ لأن الأمراء لا تجب طاعتهم إلا بعد أن يعلم أن ذلك طاعة لله ولرسوله، والعلماء إذا اتفقوا على شيء كان حجة، ولأنه قال عقيبه: «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ» وهذا يليق بالعلماء، ولأن الواجب على الأمراء اتباع العلماء، وقيل: هم الخلفاء الراشدون الأربعة، وقيل: أبو بكر وعمر عن عكرمة، واستدل بقوله: «اقتدوا بالَّذَينَ من بعدي أبي بكر وعمر». وقيل: هم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان عن عطاء، وقيل: هم الصحابة عن بكر بن عبد اللَّه، وقيل: هم الأمراء والسلاطين، لما أُمروا بأداء الأمانات في الرعية أُمرتْ الرعية بحسن الطاعة لهم عن ابن زيد، وقيل: ذوو الرأي والعلم الَّذِينَ يريدون للناس أمرهم عن الأصم «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» قيل: إن اختلفتم في شيء من أمر دينكم فردوه بالاستدلال والاستنباط إلى اللَّه تعالى، يعني إلى كتابه، وإلى الرسول، إليه في حال حياته، وإلى سنته بعد وفاته عن مجاهد وقتادة والسدي وأبي علي وأبي مسلم، وقيل: إن تنازعتم مع أمراء السرايا في حياته ÷ فردوه إليه عن أبي مسلم، وقيل: لو تنازعتم في المتشابه فردوه إلى المحكم من كتاب اللَّه والصحيح من سنة رسول اللَّه ÷، وقيل: إن تنازعتم في شيء لا يمكنكم معرفته فكلوه إلى اللَّه ورسوله، أي قولوا: اللَّه ورسوله أعلم عن الأصم «إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ