قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا 59}
  بِاللَّهِ» أي تصدقون اللَّه «وَالْيَوْمِ الآخِرِ» يوم القيامة الذي فيه الثواب والعقاب «ذَلِكَ» قيل: الرد إلى اللَّه ورسوله «خَيرٌ» من التنازع، وقيل: ما تجدون في كتاب اللَّه، أو يخبركم به رسول اللَّه خير عن أبي علي «وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً» أي أحمد عاقبة عن قتادة والسدي وابن زيد، وقيل: أحسن جزاء عن مجاهد، وقيل: خير لكم في الدنيا، وأحسن عاقبة في الآخرة، وقيل: أحسن من تأويلكم إياه من غير رد إلى أصل عن الزجاج.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب طاعة اللَّه وطاعة رسوله وأولي الأمر، وبينا ما قيل فيه، وأن الأوْلى حمله على العلماء.
  وتدل على جماع أدلة الشرع؛ لأن أدلة الشرع أربع: كتاب اللَّه، وسنة رسوله، وإجماع الأمة، والنظر والمقايسة، والآية تدل على جميع ذلك؛ لأنه قال: «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ» فلولا أن الإجماع حجة لكان يجب الرد عند عدم التنازع كما يجب عند وجوده، فلم يكن لشرط التنازع فائدة، ثم أمر بالرد إلى كتاب اللَّه فدل أنه حجة، ولأنه كلام صادق حكيم، ثم أمر برده إلى الرسول، والمراد بسنته الصحيحة، فلولا أنه حجة لما وجب الرد إليها، ثم أمر بالرد، فلو كان عينه منصوصًا لم يكن ردًا، فلما أمر بالرد دل أن المراد به الاستنباط ورد الفرع إلى الأصل، وهذا نظير ما روي أنه لما بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: «بم تقضي»؟ قال: بكتاب اللَّه، قال: «فإن لم تجد»؟
  قال: بسنة رسول اللَّه، قال: «فإن لم تجد»؟، قال: أجتهد رأيي، فقال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله»، وذلك يدل على بطلان من ينفي القياس والاجتهاد.
  ويدل على بطلان مذهب الرافضة في الإجماع والقياس.
  وتدل على بطلان مذهبهم في وجوب أخذ الدين من الإمام؛ لأنه تعالى أوجب الرد إلى الكتاب والسنة، ولم يتعرض لذكر الإمام.