قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا 60 وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا 61}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ٦٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ٦١}
  · اللغة: الطاغوت: ذو الطغيان، وهو «فَعَلُوت» من طغى، وبني للمبالغة في الصفة، وهو كل معبود دون اللَّه، وسمي بها الأوثان، ويسمى به كل من طغى وتمرد. والضلال أصله الهلاك بالعدول عن الطريق المؤدي إلى البغية، ونقيضه الهدى. وأصل تعالوا العلو، وهو تفاعلوا كقولك ترافعوا، فإذا قال: تعال إليَّ تقديره: ارتفع إليّ، ويجوز أن يكون أصله المكان العالي. والصدود والتولي والإعراض نظائر، وأصله ألا يتعدى، صددت عن فلان أصد بمعنى أعرضت عنه، ويجوز صددت فلانًا عن فلان بالتعدي؛ لأنه دخله معنى منعته، كما يجوز رجعت أنا ورجعته لأنه دخل معنى رددته.
  · الإعراب: صدودًا: نصب على المصدر.
  ويقال: لم جاز المصدر بعد الفعل في «يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا»؟
  قلنا: لتأكيد وقوع الصدود حقيقة دون الحال التي هي كالصدود، وكقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤} أي ليس على بيان كالكلام، بل كلمه في الحقيقة، وقيل: في الآية: إنه حذف منها كيف، تقديره: ألم تر إليهم يزعمون أنهم آمنوا، فكيف أرادوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت؟! وقيل: هو إخبار عنهم فلا تحتاج إلى حذف.
  · النزول: قيل: تخاصم رجلان فقال أحدهما: انطلق. إلى رسول اللَّه ÷، وقال الآخر: بل انطلق إلى وثن بني فلان، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن الحسن.