قوله تعالى: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا 66 وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما 67 ولهديناهم صراطا مستقيما 68}
  «وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا» نصب عطفًا على «خيرًا»، و «لدنا» النون مثقلة؛ لأنك أدغمت النون التي في (نا).
  · النزول: قيل: نزلت في المنافقين الَّذِينَ مضت قصتهم.
  وقيل: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس فاخر يهوديًّا فقال اليهودي: لو كتب علينا قتل أنفسنا قتلناها، فقال ثابت: واللَّه لو كتب اللَّه علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا.
  وقيل: إن اليهود قالت: أمرنا موسى بقتل أنفسنا ففعلنا، ومحمد يأمركم بالقتال فتكرهونه، فقال بعض المسلمين: لو أمرنا به لفعلنا، فنزلت الآية عن الأصم.
  وعن الحسن ومقاتل: لما نزلت هذه الآية قال عمر وعمار وابن مسعود وناس من الصحابة وهم القليل: واللَّه لو أمرنا لفعلنا، فالحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي ÷ فقال: «إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي».
  · المعنى: ثم أخبر تعالى عن سرائر القوم ونفاقهم فقال تعالى: «وَلَوْ أَنَّا كَتبْنا» أي أوجبنا «عَلَيهِمْ» على المنافقين، وقيل: الَّذِينَ تحاكموا إلى الطاغوت «أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ» قيل: أراد حقيقة القتل كما أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم، وبالخروج من مصر، وقيل: المراد التعريض للقتل وأسبابه، يعني لو أمرنا المنافقين بالجهاد والهجرة كما أمرنا المؤمنين فبذلوا أنفسهم في الجهاد، وعرضوا للقتل، والهجرة عن ديارهم ما فعل هَؤُلَاءِ عن أبي مسلم، وقيل: أخبر عما علم من خلقه، أي لو كلفناهم ذلك «مَا فَعَلُوهُ» لشدته إلا قليل، ولرحمته لم يكلفهم إلا يسيرًا سهلاً