قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا 77}
  قلنا: ليدل على الانتهاء كأنه قيل: ألم ينته علمك إلى هَؤُلَاءِ فدخله معنى التعجيب، ولو قال: ألم تر هَؤُلَاءِ، أو ألم تعلم؛ لم يظهر فيه معنى التعجيب عن علي بن عيسى.
  ويقال: لم دخلت (أو) من غير شك؟
  قلنا: فيه وجوه:
  الأول: الإيهام على المخاطب بمعنى أنهم على إحدى الصفتين.
  والثاني: على طريقة الإباحة نحو قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، تقديره:
  إن قلت نخشى كخشية الناس فأنت مصيب، وإن قلت خشيتهم أشد فأنت مصيب؛ لأنه قد حصل لهم مثل تلك الخشية وزيادة عن أبي علي، وقيل: (أو) بمعنى الواو.
  و «خشية» نصب على التمييز.
  · النزول: قيل: نزلت في ناس من الصحابة استأذنوا النبي ÷ وهم بمكة في قتال المشركين لما ينالهم من أذاهم فلم يأذن لهم، فلما كتب عليهم القتال، وهم بالمدينة قال فريق منهم ما حكى اللَّه تعالى عنهم في الآية عن ابن عباس والحسن وعكرمة وقتادة والسدي، وذكر الكلبي أن منهم عبد الرحمن بن عوف والمقداد وقدامة بن مظعون وسعد بن أبي وقاص.
  وقيل: نزلت في اليهود عن مجاهد، وقيل: إن قوله: «يخشون» إلى آخرها نزلت في المنافقين عن أبي علي.
  وقيل: نزلت في قوم من المؤمنين لم يكونوا راسخين في العلم، وقيل: نزلت في قوم كانوا مؤمنين فلما فرض عليهم الجهاد نافقوا.
  · المعنى: ثم حكى تعالى عنهم من أفعالهم الذميمة فقال تعالى: «أَلَمْ تَرَ» ألم تعلم، وقيل: