قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا 79 من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا 80}
  تعالى، وما أصابك من سيئة فبذنوبهم قال «وأرسلناك» أي بهذا أرسلناك {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} أن الأمر كذلك ومن أطاعك في هذا فقد أطاع اللَّه، وقيل: إنه يتصل بقوله: «يخشون الناس» وما حكى عنهم عندما تنالهم المصيبة، ثم اتصل الجواب إلى هاهنا عن أبي مسلم، وقيل: اتصاله أن ما أصابهم من شؤم ذنوبهم وأنت رسول وطاعتك طاعة اللَّه، لا يُتطير بك بل الخير كله فيك، وقيل: إنه يتصل بما قبله تقديره: أولا يفقهون حديثًا حيث قالوا لك يا محمد: ما أصابك من حسنة فمن اللَّه، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وليس كذلك لا، بل أرسلناك رسولاً طاعتك طاعة اللَّه، قيل: هذا لا يصح؛ لأنه على محذوف لا دليل عليه.
  · المعنى: «مَا أَصَابَكَ» قيل: الخطاب للنبي والمراد غيره كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبيُّ إِذَا طَلَّقتُمُ} عن أبي القاسم والزجاج، وقيل: تقديره: ما أصابك أيها الإنسان أو أيها السامع في معنى قول قتادة وأبي علي «مِنْ حَسَنَةٍ» من نِعَمِ الدين والدنيا «فَمِنَ اللَّه وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ» المعاصي ما ينالهم بسببها فمن نفسك عن أبي علي، وقيل: الحسنة ما أصابه يوم بدر من الغنيمة، والسيئة ما أصابه يوم أحد من الهزيمة عن ابن عباس والأصم وأبي مسلم، يعني لما جدوا في القتال يوم بدر وأطاعوا اللَّه لحقهم النصر، ولما خالفوا يوم أحد خلى بينهم فهزموا، وقيل: الحسنة: الطاعة، والسيئة المعصية عن أبي العالية وأبي القاسم كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وقيل: الحسنة: الرخاء والنعمة، والسيئة: القحط والمرض والمكاره؛ لأن عند المعصية قد يكون لطفًا أو عقوبة، قوله: «فمن نَفْسِكَ» قيل: بتدبيرك عن الحسن وقتادة والسدي وابن جريج والضحاك، وفسره أبو القاسم فقال: مصيبة هي كفارة ذنب صغير، أو عقوبة معصية كبيرة، أو تأديب وقع لأجل تفريط، وقيل: من نفسك أي من فعلك «وَأَرْسَلْنَاكَ» يا محمد «لِلنَّاسِ رَسُولاً» عليك البلاغ فقط، وقيل: مبينًا لهم «وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» قيل: حسبك اللَّه شاهدًا على أن النعم من اللَّه وفضله، وأن المعاصي من العبد، وقيل: حسبك اللَّه شاهدًا أنك قد أبلغت، وقيل: حسبك اللَّه