قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا 79 من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا 80}
  شاهدًا أنك رسوله عن أبي مسلم، وقيل: حسبك به شاهدًا على مَنْ آمن بك، أو رد عليك، وقيل: شاهدًا فيما لك وعليك «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ» في أوامره «فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه»؛ لأنه لا يأمر بشيء إلا بأمر اللَّه تعالى، وينطق بوحيه، فطاعته طاعة اللَّه فاستمعوا له وأطيعوا «وَمَنْ تَوَلَّى» أعرض عن أمره وإجابته، وفيه حذف أي: فأعرض عنهم ولا بأس عليك «فَمَا أَرسلناكَ عَلَيهِمْ حَفِيظًا» قيل: حافظًا من المعاصي حتى لا تقع عن أبي علي، وقيل: حافظًا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها؛ لأنه تعالى هو المجازي بها، وقيل: حافظا لهم من الثواب حتى يسلموا عن ابن زيد، وقيل: محاسبًا عن [القتبي].
  · الأحكام: تدل الآية على أن المعاصي من العبد؛ لأن السيئة ظاهرها الفعل القبيح، فلا معنى لحمله على المجاز، فتدل على بطلان مذهب الجبر في المخلوق؛ إذ لو كانت المعصية خلقًا له كالطاعة لوجب إضافتهما إليه، ولما كان للفرق معنى؛ لأن عندهم الجميع خلق له.
  ولا يقال: أليس عندكم الطاعة والمعصية فعل العبد فما معنى الفرق بينهما؟
  قلنا: إن حمل على النعم فالأمر ظاهر، وإن حمل على الطاعة فيجوز أن يضاف إليه؛ لأنه أمر به، وهدى إليه، ومكن منه، وزين ولطف، ووعد وأوعد على تركه، فمن هذا المعنى جاز أن يضاف إليه، فأما المعاصي فلم يحصل وجه فيه لأجله يصح أن يضاف إليه.
  ولا يقال: إنه أثبت في هذه الآية ما نفى في الآية الأولى، وذلك لأنه ليس كذلك؛ لأن هناك المراد ما يفعله تعالى من النعم والمحن، والسعة والضيق، والمرض والصحة، والجدب والرخص، وكل ذلك فعله تعالى، والمراد بالآية هاهنا الطاعة والمعصية، فالطاعة فعل العبد، لكن تضاف إلى اللَّه تعالى للمعاني التي ذكرناها، والمعصية تضاف إلى العبد، وتدل على أنه رسول إلى الكافة؛ لأنه عم قوله: