قوله تعالى: {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 81}
  «وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً» وقد علم ذلك من دينه ضرورة، وتدل على أن طاعة الرسول واجبة ومخالفته محرمة، فيدل أن الرسول معصوم؛ ليكون جميع ما يأمر به طاعة، ويدل قوله: «فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيهِمْ حَفِيظًا» على أنه لا يؤخذ بشيء من أعمالهم، وقد قال بعضهم: إن هذا كان في ابتداء الإسلام، ثم أمر بالجهاد، ونسخ بآية السيف عن ابن زيد وجماعة، ومن قال: ليس فيهِ، وقد بينا ما قيل فيه.
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ٨١}
  · القراءة: قرأ «بَيَّتَ طَائِفَةٌ» بإدغام التاء في الطاء أبوعمرو وحمزة، والباقون بالإظهار والفتح، والإظهار أجود؛ لأنها متحركة والطاء في كلمة أخرى، وكأنَّ الكسائي يفرق بين الفعل والاسم، فأظهر في الفعل وأدغم في الاسم، وقال أبو العباس والزجاج:
  هما سواء، وكأنَّ الكسائي يفر من ثقل الضمة إلى الإدغام، ولا يجب في الفتحة مثل ذلك، وإن كان جائزًا.
  ويقال: لم جاز إدغام الباء في الميم في قوله: «يكتب ما يبيتون» ولم يجز إدغام الميم في الباء في {لَآ أُقسمُ بِهَذَا البَلَدِ}؟
  قلنا: جاز في الأول؛ لأنه لم يخلّ بإذهاب الغنة، ولم يجز في الثاني للإخلال بإذهابها.
  · اللغة: التبييت: كل شيء دُبِّرَ ليلاً، يقال: بيَّت الرجل الأمر إذا دبره ليلاً، قال تعالى:
  {يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} والبَيُّوت: الماء يبيت ليلاً، والبيوت: الأمر الذي يبيت عليه صاحبه مغتمًا به، والبيات والتبييت أن تأتي العدو ليلاً، وبات يفعل إذا فعله ليلاً، كما يقال: ظل بالنهار، قال علي بن عيسى: وعندي أن فيه معنى الإخفاء في النفس، ولذلك لا يوصف به اللَّه تعالى، قال الشاعر: