التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا 88}

صفحة 1664 - الجزء 2

  كان أصل السلام سنة، ثم الرد ربما يكون من فروض الكفاية وربما يتعين بأن يخص بالتحية، أو لا أحد عنده، فيتعين الرد عليه، وتدل على أن الآية في المؤمنين؛ لأن الكفار لا يحيون بالأفضل بل ربما لا يحيون أصلاً.

  ويقال: كيف جاز أن يحيا به؟

  قلنا: يجوز أن يحيا بالبقاء والملك، ولا يحيا بالرحمة والبركة وظاهر الآية في باب الدين، فلا يحيا به الكفار والفساق، فأما في المؤمن فيخير بين أن يرد مثلها أو أحسن منها، وتدل الآية الثانية على التوحيد وإثبات المعاد، وأنه لا يجوز الخلف في وعده ووعيده، ولا الكذب في شيء من أخباره.

قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ٨٨}

  · القراءة: قراءة العامة «أركسهم»، وعن أُبَيٍّ بن كعب وابن مسعود «ركسهم» وهما لغتان أَركَسَتُ الشيء ورَكَستُهُ نكسته ورددته.

  · اللغة: الفئة: الفرقة، والفئتان: الفرقتان.

  والركس: قلب الشيء على رأسه ورد أوله إلى آخره، وارتكس فلان في أمر كان فيه أي نجا منه قال الكسائي: أركسهم وركسهم بمعنى ردهم، وإذا نسبت الفعل إلى الراجع قلت: ارتكس.

  · الإعراب: «فَمَا لَكُمْ» استفهام، والمراد الإنكار ألا يكونوا كذلك.