التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا 90}

صفحة 1680 - الجزء 3

  · القراءة: قراءة العامة «حَصِرَتْ» ساكنة التاء على فعل ماض، وقرأ يعقوب «حَصِرَةً صُدُورُهُمْ» بنصب التاء والتنوين، فالأول على أنها فعل مضاف إلى الصدور، فأما النصب فهو صفة للصدور متقدمة، وإنما أراد صدورهم حصرت، فلما قَدَّمْتَ الصفة نَصبتهَا على الحال، والمعنى: جاؤوكم في حال حصر صدورهم.

  · اللغة: الوصل ضد الهجر، ومنه الواصلة التي تصل شعرها بشعر آخر، ومنه: الوصيلة، لما قيل: وصلت أخاها والميثاق: العهد المؤكد، وأصله مِوْثَاقٌ؛ لأنها من «وثقت»، ولكن الواو انقلبت ياء للكسرة التي قبلها، كما قالوا: ميعاد، وميزان، وميراث، وأصله مِوْعَاد من الوعد، وموزان من الوزن، ومِوْرَاث من الوراثة.

  والحصر: الضيق، ومنه الحصر في القراءة؛ لأنه ضاق عليه مذاهب القراءة فلم يمكنه أن يقرأ، ومنه المحصور في حبس ونحوه، والحصور كالذي منع بالضيق، والحصر: اعتقال البطن، ومنه حصر وأحصر، والحصير لحصر بعضه مع بعض، وناقة حصورٌ: ضيقة الإحليل.

  والسلاطة من التسلط، وهو القهر، والسلطان الحجة أيضًا؛ لأنه بها يتسلط.

  والعزل: أن يتنحى الرجل عن الأمر، يقال: هو بمعزل عن هذا، يقال: اعتزلت البيت وتعزلته، قال الأحوض:

  يَا بَيتَ عَاتِكَةَ التي أَتَعزَّلُ ... حَذَرَ العِدَا وَبِهِ الفُؤَادُ مُوَكَّلُ

  ومنه قوله تعالى: {وأعتزلكم} وسميت المعتزلة لاعتزالهم عن البدع والأهواء، ولزومهم الحجة والسنة.

  والسّلم: الصلح، ويفتح أيضًا، ويذكر ويؤنث. والاستسلام: الانقياد، والسلم والسلام بمعنى، وهو المسالمة.