قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}
  فعرف، والشهوة صرفت آدم عن النظر، ويدل عليه قوله تعالى: {فَدَلّاهُمَا بِغُرور} وإنما يكون غرورًا عند عدم العلم.
  والجواب عن الثاني: أنه كان هناك دليل فنسي، والنص يدل على العين لا على الجنس.
  والجواب عن الثالث: أنه يجوز أن يكون أخطر بباله إلا أنه اشتغل عن الخاطر، أو كان خاطرًا خفيًّا، وكان يجري على عادته في تأويل الشجرة على عينها.
  والجواب عن الرابع: أن قوله: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} يحتمل الجنس كالنهي الأول.
  والجواب عن الخامس: أن الشيطان كان يذكره الأكل لا تركه وكيفية النهي، بل يميل به عن طريق الاستدلال بالنسية.
  والجواب عن السادس: أنه لم ينس النهي المنصوص عليه، وإنما نسي المقرون به مما يدل على الجنس، وعلم إبليس بذلك قد بينا الوجه فيه، ولا يقال: إن تَرْكَ الاستدلال ونسيان الدليل بمنزلة الأكل وترك النهي في أن كل واحد منهما معصية، فقد فررتم من شيء فوقعتم في مثله؛ وذلك لأن اللفظ يتناول عين الشجرة بدليل قوله تعالى: «لاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ»، وكون الجنس مرادًا يعرف بدليل آخر، وذلك الدليل لا يجوز أن يكون من باب الاجتهاد، فلا بد أن يكون مما يوجب العلم، وكان آدم # عالمًا بذلك الدليل وقت النهي، فلما تطاولت المدة غفل عنه ولم ينظر مع تمكنه من النظر. وروي أن آدم كان في الجنة دهرًا طويلاً.
  «وَقُلْنَا اهْبِطُوا» أي انزلوا، واختلفوا فقيل: الخطاب لآدم وحواء وإبليس، عن الأصم والزجاج وأبي علي وجماعة من المفسرين، ويجوز ذلك وإن كان إبليس أخرج قبل ذلك كما يقال: أخرج جميع من في الحبس وإن تقدم بعضهم، وقيل: أراد آدم وحواء والحيّة، وليبس بصحيح؛ لأنه لم يَجْرِ له ذكر، ولا هو مكلف ولا مخاطب،