التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}

صفحة 1687 - الجزء 3

  والثاني: خروج الروح، وهو النفس المتفرق في الأعضاء، وذلك مفوض إلى الملك، وقد أعطاهم اللَّه آلة يتمكنون بها من إخراج ذلك من بدن الإنسان.

  والثالث: الموت وهو فعل اللَّه تعالى لا يقدر عليه غيره، وهذا على قول من يقول: الموت معنى.

  ومن قال: ليس بمعنى قال: هو إبطال الحياة.

  والقتل مصدر قتلت قتلاً، وقتلته قتلة السوء، ومَقَاتل الإنسان: المواضع التي إذا أصيبت قَتَلَتْهُ، والقِتْل بكسر القاف: العدو، وقَتَلْتُ الخمرَ بالماءِ: مزجته، كأنه قتله به.

  الحر خلاف العبد، وطين حر: لا رمل فيه، وحر الرجلُ يَحَرُّ، والتحرير تفعيل من الحرية، وهو إخراِج العبد من الرق إلى الحرية، يقال: حرره تحريرًا، نحو عظمه تعظيمًا، وحركه تحريكَا.

  والدية: ما يُؤَدَّى عن القتيل، يقال: وَدَيْتُ القتيل: أَدَّيتُ دِيَتَهُ.

  · الإعراب: «إلا خطأ» فيه ثلاثة أقوال: الأول، قال بعضهم: إنه عطف، وليس باستثناء، و (إلا) بمعنى الواو، وتقديره: ما كان له أن يقتله عمدًا ولا خطَأً، ونظيره: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي ولا للذين ظلموا، وقال الشاعر:

  مَا بِالْمَدينةِ دَارٌ غَيْرُ وَاحِدةٍ ... دَارُ الخليفةِ إلَّا دَارَ مَرْوَانا

  يعني: ولا دار مروان.

  الثاني: أنه استثناء صحيح كالاستثناء الحقيقي، متصل بما قبله، ثم اختلفوا في تقدير الكلام، فالأحسن ما قاله أبو هاشم: ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا فيبقى مؤمنًا، إلا أن يقتله خطأ، فيبقى حينئذ مؤمنا، والمراد أن قتل المؤمن للمؤمن يخرجه من كونه