التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}

صفحة 1688 - الجزء 3

  مؤمنًا إلا أن يكون خطأ، فلا يخرج من كونه مؤمنًا، وروي نحوه عن السدي، وقيل: تقديره: ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا عمدًا، فإن قتله عمدًا فقد أتى ما يستحق به الإثم، واسم الفسق، إلا أن يكون القتل خطَأً فلا يستحق ذلك، عن أبي علي، وقيل: تقديره: ليس قتل المؤمن بمتروك لا يقتص منه، إلا أن يكون قتله خطأ، عن الأصم، وذكر علي بن موسى القمي | في تقديره: ليس له قتل المؤمن، إلا أن يتوهمه مشركًا في دار الحرب، فيقتله خطَأً.

  الثالث: أن الاستثناء منقطع من غير جنسه، بمعنى «لكن»، ومعنى «ما كان»: ما يحل له ويحرم عليه، وقد جاء نحوه في القرآن وأشعار العرب كثير، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} واللمم ليس من الكبائر، وقال تعالى: {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ١٠ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ١١}.

  وقال النابغة:

  .................... ... ... وَمَا بِالَّربْع مِنْ أَحَدٍ

  إِلَّا .................... الأَوَارِيَّ .......................

  وقال آخر:

  وَبلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إلا اليَعَافِيرُ وإلَّا العِيسُ

  «تحرير» رفع لأنه خبر ابتداء محذوف يدل الكلام عليه، أي عليه تحرير رقبة.

  و «دية مُسَلَّمَة»: عطف على تحرير رقبة، ومسلمة صفة الدية.