قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}
  وموضع (أن) في قوله: «إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا» نصب؛ لأن المعنى فعليه ذلك إلا أن يصدقوا، أي إلا على أن يصدقوا، ثم سقط (على)، ويعمل فيه ما قبله على معنى الحال، وهو مصدر وقع موقع الحال.
  ونصب «توبة»، قيل: كقولهم: فعلت ذلك حذر الشر، عن الزجاج، وقيل: جعل اللَّه ذلك توبة للقاتل، وقيل: نصبه بمعنى ما تقدم، كأنه قيل: اعملوا بما أوجبه اللَّه للتوبة من اللَّه، أي يتقبل اللَّه توبتكم فيما اقترفتموه من ذنوبكم، وقيل: تاب اللَّه عليكم توبة.
  · النزول: قيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي حين قتل الحارث بن زيد العامري خطَأً، عن مجاهد وعكرمة والسدي، وذلك أن عياشًا أسلم قبل أن يهاجر رسول اللَّه ÷، وخاف أهل مكة إظهار الإسلام، فخرج إلى المدينة، وتحصن في أطم من آطامها، فجزعت أمه من إسلامه، وأمرت ابنيها أبا جهل والحارث أن يأتياها به، وكانا أخويه لأمه، وحلفت لا يظلها سقف ولا تذوق طعامًا حتى يأتيا به أمه، فخرجا وحلفا له لا يصيبانه بمكروه، فنزل وشداه وجاءا به أمه موثقًا، فحلفت لا تحله من وثاقه حتى يكفر بالذي آمن به، فأعطاهم ما أرادوا، فأتاه الحارث بن زيد، وقال: يا عياش إن كان الذي كنت عليه هدى فقد تركته، وإن كان ضلالة فقد دخلت فيه، فغضب عياش وحلف إن لقيه خاليًا قتله، ثم أسلم عياش، وهاجر إلى