التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}

صفحة 1690 - الجزء 3

  المدينة، ولقي الحارث، وقد أسلم وعياش لا يعلم بإسلامه، فقتله، فأخبر بإسلامه، فأتى رسول اللَّه ÷ وأخبره به، فنزلت الآية.

  وقيل: كان الرجل يسلم ويأتي قومه وهم مشركون، فيغزوهم جيش من المسلمين، فيقتل الرجل فيمن يقتل، فنزلت الآية فيهم، عن عطاء.

  وقيل: نزلت في أبي الدرداء حين قتل الراعي خطأ، عن ابن زيد، وذلك أن أبا الدرداء كان في سرية، فعدل إلى شعب لحاجة له، فوجد رجلاً في غنمه، فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا اللَّه، فبدر فضربه، ثم جاء بغنمه إلى قومه، ثم وجد في نفسه شيئًا، فذكر ذلك لرسول اللَّه ÷ فقال: «ألا شَقَقْتَ عن قلبه، وقد أخبرك بلسانه، فلم تصدقه»، وندم أبو الدرداء، فنزلت الآية.

  · النظم: قيل: في اتصال الآية بما قبلها: إنه تعالى فيما تقدم قبلها بين حال الكافر والمنافق، وأمره بقتلهم، وحرض عليهم، وبين حال المؤمن، وحظر قتله، وذكر في هذه الآية قتل المؤمن وما فيه، استثنى الخطأ، فأوجب فيه الدية، وصنف القتل ثلاثة أصناف، وبَيَّنَ حكم كل واحد، عن أبي مسلم، وقيل: ذكر الكفار وأمر بقتالهم، ثم ذكر من كان بيننا وبينهم عهد، ومنع عن قتلهم، ثم ذكر من نافق وسلط على قتلهم، ثم بَيَّنَ قتل المؤمنين، وبالغ في الزجر عنه، واتصل به ذكر أحكامه عن دية وغيرها.

  · المعنى: «وَمَا كَان لِمُؤْمِنٍ» قيل: ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه، من عهد اللَّه الذي عهد إليه، عن قتادة، وقيل: ما كان له سبب [جواز] قتله، وقيل: ما كان له كما ليس له